واضح أن العباقرة الذين يتولون أمر المناهج الدراسية نجحوا في أن يجعلوا من عمليات التطوير المستمر التي يقومون بها قضية سياسية مثيرة للجدل وعابرة للحدود.. وبسبب عبقريتهم الفذة ظهرت لأول مرة في تاريخ التعليم في مصر لجان شعبية لكشف الآلاعيب السياسية التي يجري اقحامها علي المناهج بدعوي التطوير.. هناك حملة "مناهجكم باطلة" و"حملة" تمرد علي المناهج الدراسية" وحملة "ثورة أمهات مصر علي المناهج الدراسية".. ولكل واحدة من هذه الحملات منسق وفريق عمل.. وقد اتفقوا جميعاً مؤخراً علي تقديم بلاغ للنائب العام وطلب استجواب لوزير التربية والتعليم في مجلس النواب من أجل وقف العبث بالمناهج الدراسية وحمايتها من التسييس.
وهناك اتهامات صريحة بأن وزارة التربية والتعليم تخضع المناهج الدراسية للتقلبات السياسية تحت زعم تطوير المناهج.. وهو ما يحدث اضطراباً لدي الطلاب في سني عمرهم المبكرة.. وذلك علي الرغم من تأكيد الدكتور حازم راشد مدير تطوير المناهج بالوزارة علي أنه لا تعليمات لديه بتسييس المناهج واعترافه بالخطأ في رفع اسم د. محمد البرادعي من قائمة المصريين الحاصلين علي جائزة نوبل ووعده بتدارك الخطأ وإعادة صورته واسمه في كتب العام القادم واشارته إلي أن هناك لجنة قومية من 150 أستاذاً جامعياً واكاديمياً من أجل التطوير.
وقد كان غريباً أن تصل قضية تسييس المناهج إلي صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية التي نشرت مقالاً لـ"سودارسان راغفان" بعنوان "إعادة كتابة التاريخ بحذف الرموز من المقررات الدراسة" تناول فيه حوادث حذف الاسماء المغضوب عليها من كتب التاريخ ابتداء من محمد نجيب أول رئيس للجمهورية في مصر وانتهاء بالبرادعي.. وأشار إلي المحاولات المتكررة لتقليص مساحات ذكري ثورة 25 يناير في كتب التاريخ.. "حتي صار وصف الثورة التي اطاحت بـ30 عاماً من حكم مبارك مجملاً في فقرات معدودة تنطوي علي كثير من السطحية بالمناهج ويختتم سودارسان مقاله قائلاً: "وعند هذا الحد يخشي الباحثون من ان تتسبب عملية إعادة كتابة التاريخ هذه في التقليل من الاعتقاد بمصداقية وموضوعية منظومة التعليم في مصر.. كيف يمكن لأي شخص في ظل الانتقال من النقيض الي النقيض ان يظل مؤمنا بما يرد في الموضوعات التي تشملها المقررات الدراسية؟!.. ولعل هذا ما يدفع بعض أولياء الأمور الي إعلان عدم اعترافهم بالمقررات الدراسية وانهم يجبرون ابناءهم عليها فقط من أجل الحصول علي الشهادة.. وهو توجه يشارك فيه الطلاب آباءهم".
وفي تقرير موسع نشرته "المصري اليوم" الجمعة الماضية تحت عنوان "تعديل المناهج قص ولزق علي هوي السياسة" تم رصد العديد من المحذوفات السياسية من المقررات وسأكتفي هنا باقتباس بعض النماذج مراعاة للمساحة:
* في منهج الدراسات الاجتماعية للصف السادس الابتدائي تم حذف عبارات اعتبرت مسيئة لرجال الأعمال وقوات الأمن عند الحديث عن ثورة 25 يناير.. يقول الجزء المحذوف: "وبسبب التجاوزات والفساد الإداري ظهرت طبقة من رجال الأعمال. وما تلاها من انتشار الرشوة والمحسوبية ما أدي الي اندلاع ثورة 25 يناير.. الداخلية لم تقم بمهمتها في حماية المجتمع وقوات الأمن استخدمت العنف ضد المتظاهرين".
* وفي منهج الفلسفة للصف الثالث الثانوي تم حذف فلسفة الثورات.. نموذج تطبيقي ثورة 25 يناير.. وحذف درس "ثورة العصافير" بمادة اللغة العربية للصف الأول الإبتدائي.. وحذف درس "حقوق المرأة وشخصية درية شفيق بمادة الفلسفة للصف الثاني الثانوي.. وفي منهج الصف الأول الثانوي تم حذف درس "الثورة الحقيقية" وحذف "الأدب والثقافة في مصر الإسلامية" ونص "سيد قرارك" في منهج اللغة العربية للصف الثاني الثانوي ومشهد من مسرحية "مصرع كليوباترا" لطلاب الصف الثالث الثانوي.
وكما تم حذف درس "قضية المياه وتهديد الأمن القومي" في علم النفس والاجتماع للصف الثالث الثانوي" ودرس "القائد صلاح الدين الأيوبي محرر القدس" للصف الخامس الابتدائي.. و6 فصول من قصة عقبة بن نافع بدعوي انها تحرض علي العنف والتطرف..؟
الفقرات التي تتهم إسرائيل بالإرهاب في كتاب التربية الدينية للصف الثالث الإعدادي.. وكذلك عبارات تحكي عن تاريخ اليهود وإرهابهم ضد مسيحي نجران.