سعدت جدا لقيام النائب محمد عطا سليم عضو مجلس النواب، بجمع توقيعات عدد من أعضاء البرلمان لإلغاء «فض المنازعات»، فقد كتبت هنا العام الماضي، وطالبت بإلغاء لجان فض المنازعات، وتساءلت يومها عن فائدة اللجان، وما قدمته للمواطنين منذ إنشائها عام 2000؟، وعن حجم المبالغ التي أنفقت على اللجان منذ إنشائها؟.
وقلت إن الحكومة قبل 15 سنة فكرت في التخفيف عن المواطنين أصحاب النزاعات مع الحكومة، فقررت إنشاء ما سمى بلجان فض المنازعات، وصدر القانون رقم 7 لسنة 2000، في 14 مادة، وأسند القانون تشكيلها وتبعيتها وتنظيم عملها وتقدير موازنتها لوزارة العدل، وقد أنشئت بهدف إنهاء الخلافات التي تقع بين المواطنين والجهات الحكومية بعيدا عن المحاكم، وذلك للتيسير على المواطنين في الحصول على حقوقهم، ولترشيد النفقات التي يصرفونها على مراحل التقاضي، وكذلك للتخفيف عن المحاكم، وحسب البيانات المنسوبة للحكومة بلغ عدد اللجان على مستوى الجمهورية حوالى 400 لجنة، تشكل بقرار من وزير العدل، ويترأس اللجنة القضاة السابقين بدرجة مستشار، وعضوية موظف من الجهة الحكومية بدرجة مدير عام، ومن المواطن صاحب الشكوى، وتنشأ لجنة فنية من الموظفين والكتبة تتبع أو تخدم على اللجنة.
قيل إن هذه اللجان تكلف الدولة أكثر من 200 مليون جنيه مرتبات ونفقات في السنة، تتراوح مكافأة القاضي فيها بين 5 و7 آلاف جنيه في الشهر، ويقال إن المبلغ يصل 10 آلاف جنيه للقضاة الذين يتم تعيينهم في اللجنة العامة أو المركزية بوزارة العدل والتي يشرف عليها أحد مساعدي وزير العدل.
قبل قيام ثورة يناير فكر المستشار ممدوح مرعى وزير العدل آنذاك في إلغاء اللجان لأسباب عدة، منها(حسبما تردد أيامها): أنها لم تحسم نزاعا واحدا منذ إنشائها، وأنها تعطل مصالح المواطنين، وقيل كذلك: إن قرارات اللجان غير ملزمة والهيئات والوزارات الحكومية لا تأخذ بها، كما أن الحكومة تهدر شهريا وسنويا ملايين الجنيهات كمكافآت وبدلات ومرتبات بدون عائد.
الطريف أن هذه اللجان تضم حاليا معظم وزراء العدل السابقين: أحمد مكى، وعادل عبدالحميد، ومحفوظ صابر، ونير عثمان، وجميعهم يعملون في الأمانة العامة للجنة الفض في الوزارة، وللأمانة يعد المستشار فاروق سيف النصر الوزير الوحيد الذى رفض أموال هذه اللجان، وجلس في منزله بعيدا عن عضوية فض المنازعات، وللأمانة أيضا يقال: إن المستشار أحمد سليمان وزير العدل الأسبق حاول الانضمام إلى الأمانة العامة مثل الوزراء السابقين، لكن للأسف تم استبعاده لشبهة انحيازه لجماعة الإخوان.
وأخيرا نقول: إذا كانت قرارات لجان فض المنازعات مجرد توصيات غير ملزمة للحكومة، وإذا كانت الحكومة تنفق عليها ملايين الجنيهات سنويا، وإذا كان القانون يلزم المواطنين بالمرور على هذه اللجان قبل إقامة الدعاوى على الحكومة، وإذا كانت اللجان أصبحت عبئا على موازنة الدولة وعلى مصالح المواطنين، لماذا لم تفكر الحكومة في إلغائها ترشيدا للنفقات وتيسيرا على المواطنين؟.