محمد عبد الحافظ
ب٫٫ حرية .. إجراءات «طوارئ» لمواجهة الدولار
الحكومة والنظام بأكمله يحرثان في البحر، فمع كل إنجاز يأتي من يشوهه، مرة بفعل فاعل، ومرة بسوء إخراج!
وأنا لا أؤمن بالحظ، وأن هناك «حظ حلو»، و«حظ وحش» ، ولكنني أؤمن إيمان اليقين بالقدر.. ولنأخذ أزمة الدولار مثلا، لأنها أزمة تنسف كل إنجازات أي حكومة أو نظام، لأنها تؤثر علي العمود الفقري للاقتصاد، وتمس كل أفراد الشعب فقيره وغنيه علي حد سواء وتأتي علي الأخضر واليابس والماء!
وظني أن الحكومة تتعامل بعدم حزم وعدم جدية وصرامة وتسير بسياسة أن «حظها وحش».. فمدخلات العملة الصعبة في مصر تأتي من 3 منابع رئيسية: قناة السويس، والسياحة، والمصريين العاملين في الخارج.. ويتم إنفاقها بالكامل علي وارداتنا التي لا نستطيع إنتاجها محليا، ولأنها تفوق بكثير ما نجنيه من عملة صعبة، فإننا دائما ما نضطر إلي خفض سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية وبخاصة الدولار.
قناة السويس دخلها لم يزد بالمعدل الذي نحتاجه، والسياحة «اضربت» بعد حادث الطائرة الروسية وما تلتها من تبعات، أما المصريون العاملون في الخارج فهم في زيادة مطردة وكان من المفروض أن تزيد تحويلات المصريين في الخارج، ولكن هناك مافيا منظمة في الخارج تزايد علي سعر الدولار وتشتري من المصريين العاملين في الخارج الدولار بأعلي من سعره الطبيعي في البنوك المصرية، فتوقف بطريق غير مباشر تدفق العملات الصعبة إلي مصر، فتجفف المنبع المتبقي للعملات الأجنبية، وهذه المافيا تفعل ذلك بالتنسيق مع شركات الصرافة المحلية الموجودة في مصر، وأدي ذلك عمليا إلي إجبار البنك المركزي علي رفع سعر الدولار جنيها و10 قروش في شهر مارس ـ رسميا ـ ليصبح الآن 8 جنيهات و85 قرشا.
وزاد الضغط فارتفع سعر الدولار إلي 11 جنيها في السوق السوداء، ويخططون ليصل سعره إلي 15 جنيها مع حلول شهر رمضان بعد أقل من 50 يوما.
وسيتواكب هذا مع موعد سداد الوديعة القطرية مليار دولار، وسداد قسط قدره 800 مليون دولار لنادي باريس في يوليو القادم.
وقد فشلت كل محاولات البنك المركزي لمواجهة هذا الارتفاع الجنوني للدولار والانخفاض الانتحاري للجنيه، لأن المحاولات كانت عبارة عن إجراءات عادية لم يكن بها أي إجراء استثنائي، فكل المواجهات كان يمكن أن تنجح لو أن حالة السوق طبيعية، ولم يتعرض للتلاعب.
إذن فالخطأ في المواجهة يكمن في أننا لابد أن نتعامل بطرق استثنائية تتناسب مع التلاعب المقصود والمتعمد لتخريب الاقتصاد وبالتالي تخريب هذا البلد الأمين.
وظني أنه لابد من إصدار قرار فوري وليكن من البرلمان، أو توصي به الحكومة ويوافق عليه البرلمان، ويكون كالتالي:
- منع أي تحويلات للمصريين العاملين في الخارج لذويهم بالجنيه المصري، ولابد أن يكون بالعملة الصعبة.
- إغلاق جميع مكاتب الصرافة، ويقتصر التعامل في العملات الأجنبية مع البنوك فقط.
- يعاقب بالحبس والغرامة كل من يتاجر بالعملة الصعبة خارج المصارف.
- يمنع التعامل بالعملة الصعبة في أي نشاطات تقام علي أرض مصر سواء تعليمية أو غيرها.
- عدم فتح أي اعتمادات دولارية أو بالعملة الصعبة إلا للأدوية أو للمستشفيات أو لمدخلات إنتاج السلع الاستراتيجية، أو لمصاريف علاج أو دراسة في الخارج.
علي أن تتضمن المذكرة الإيضاحية للقرار بنودا محددة وهي أن كل مصري عليه تحمل المسئولية كاملة تجاه بلده، فلا يمكن أن تدعم الدولة أسر العاملين في الخارج في العلاج والتعليم والغذاء والسكن والمواصلات ويبخل عائلهم في الخارج في إرسال تحويلاته بالعملة الصعبة من أجل مكسب شخصي.
وأن هذا الإجراء هو في الأساس يصب في خانة المصلحة العامة ويوقف الارتفاع الجنوني الذي أصاب الأدوية والأغذية وكل ما يخص السواد الأعظم من المواطنين.
وأن الحكومة ستتعهد بإلغاء هذا القرار فور استقرار السوق المصرفية والقضاء علي مافيا العملات الأجنبية، وتنشيط سوق العمل من أجل التصدير، وتنشيط السياحة.
> > >
لابد أن يعرف الجميع ويشعر أننا في حالة حرب، ليست بالمعني الدارج للحروب، ولكنها حرب نفسية، وحرب تكسير «عضم» الجنيه حتي يثور الشعب علي الغلاء، ويضيع الاستقرار، ويضيع البلد الذي نحاول بناءه بعد ثورتين خطفت الأولي منها جماعة الإخوان التي احتلت مصر قرابة العام، وخرّبت كل مفاصل الدولة فيها واختارت الأسوأ لتولي المناصب العليا في كل المؤسسات، ولن أتهمهم بالفساد المالي ولكن أجزم بأنهم كانوا فاسدي الكفاءة إن لم يكونوا معدومي الكفاءة.
نحن في مرحلة البناء، وكلما اقترب موعد جني الثمار، يعرقلون المسيرة، وآخر ورقة يمكن أن يلعب بها هؤلاء الكارهون لمصر ولشعبها، والطامعون في احتلالها مرة أخري هي ورقة تخريب الاقتصاد الذي يمس كل مناحي حياتنا.
> > >
القرار لايحتمل التأجيل ولا يجب أن تجعلنا وديعة الإمارات ذات الـ2مليار جنيه أن نتردد في الحرب عليالمخربين.. فالظروف الاستثنائية لاتعالج إلا بقرارات استثنائية وموجعة ومؤلمة، ليس للمواطنين طبعا، ولكن للمخربين
آخر كلمة
العين بالعين .. والطـوارئ
للمـافيـا.