سناء السعيد
بدون رتوش -عربدة صهيونية!
بعد مرور 49 عاماً على احتلال إسرائيل للجولان وبعد إعلان ضمها عام 1981 فى خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولى خرج نتانياهو اليوم ليعلن أن الجولان لإسرائيل فى خطوة غير مسبوقة اجترأ فيها على سيادة سوريا على الهضبة.
جاء هذا عندما بلغ به حد الوقاحة إلى أن يعقد اجتماعاً لحكومته فى الجولان ويؤكد أن إسرائيل لن تنسحب منها وأنها ستبقى تحت سيطرتها إلى الأبد.
وقال:
(نرفض التنازل عنها لأى طرف وأن الوقت قد حان كى يعترف العالم بأن الجولان إسرائيلية).
نسف نتنياهو بذلك القانون الدولى وجميع القرارات التى تتضمنها الجمعية العامة للأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية التى تقر بأن الجولان هى جزء من سوريا تم احتلاله، وهذا عين ما أكده مؤخرًا رئيس مجلس الأمن عندما قال إن الاختصاص القضائى الإسرائيلى على الجولان السورية لاغٍ وباطل، وأن وضعية الجولان لا يمكن تغييرها، فوفقًا لقرار 497 فإن أى قرار تتخذه إسرائيل بفرض ولايتها القضائية وإدارتها فى الجولان لاغ وباطل وليس له أى أثر قانونى، كما لا يمكن تغيير وضعية الجولان الخاضعة للاحتلال بموجب قرارى مجلس الأمن 242، 338. الأول صدر فى نوفمبر 67 ونص على احترام سيادة الدول على أراضيها وإقرار سلام عادل ودائم فى الشرق الأوسط، والثانى صدر فى أكتوبر 73، ودعا إلى وقف اطلاق النار والبدء فورًا فى تنفيذ القرار السابق بكل بنوده.
أما ما شجع نتنياهو على العربدة فهو الوضع العربى المأساوى، فضلا عن كونه على يقين من أن العرب لن يحركوا ساكنًا. ولقد صدق فى توقعاته، فلم يكن هناك أى صدى عربى تجاه ذلك اللهم إلا الاجتماع الهزيل الذى عقدته الجامعة العربية على مستوى المندوبين وخرج بإدانة ما قام به نتنياهو. ولا شك أن أمريكا هى التى شجعت إسرائيل على هذه العربدة ولهذا لم تخرج أمريكا لتدين ما نطق به نتنياهو حول الجولان. بل على العكس، ففى أعقاب تصريحات نتنياهو هذه أعلن البيت الأبيض فى السابع والعشرين من الشهرالماضى أن الرئيس أوباما يعتزم توقيع مذكرة تفاهم مع إسرائيل يتم بموجبها تقديم أضخم حزمة مساعدات عسكرية أمريكية على الاطلاق لها. وجاء هذا الاعلان بناء على طلب من نواب الكونجرس، حيث بادر 83 سيناتورًا فى الكونجرس بإرسال خطاب إلى أوباما يطالبونه فيه بتوقيع اتفاقية مساعدات عسكرية مع إسرائيل نظرا للتحديات الدفاعية والأمنية التى تواجهها. وأبدوا استعدادهم لإبرام اتفاق طويل المدى يضمن المصادر الدفاعية لإسرائيل لتحقيق مستوى الأمن المنشود.
لقد استبق أوباما رحيله عن البيت الأبيض فى غضون أشهر من الآن وسارع بتوقيع الصفقة مع إسرائيل لا سيما بعد أن كان نتنياهو قد هدد فى فبراير الماضى بأنه سينتظر الرئيس الأمريكى الجديد لتوقيع اتفاقية المساعدات العسكرية الأمريكية فيما إذا لم يرق عرض إدارة أوباما إلى توقعات إسرائيل لتحقيق تطلعاتها الأمنية، ولهذا سارع أوباما لتلبية مطالب إسرائيل طفل أمريكا المدلل والتى لا يمكن لأى رئيس أمريكى أن يدير ظهره لها ولمطالبها، إذ تظل الأولوية لأمن إسرائيل وسلامتها وسلامة مشاريعها فى المنطقة وليذهب العرب إلى الجحيم.
قد تظن إسرائيل وسط التطورات التى عصفت بالدول العربية منذ موجة ثورات الجحيم العربى أن الفرصة باتت مهيأة لها لاغتنام صيد جديد فى الجولان السورية، بيد أن تطلعاتها ستبوء بالفشل، فالمقاومة التى أجبرتها على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000 قادرة اليوم على أن تلحق بها هزيمة ساحقة تبدد معها أحلامها.