الوطن
د. محمود خليل
السبيل (34)
الحياة من منظور طارق مرآة محدبة، تختزل الأشياء، فى بؤرة واحدة، بؤرة الحلال والحرام، أما مختار فينظر إلى الحياة بمرآة مقعرة، تكبر معها الأشياء التافهة شيئاً فشيئاً حتى تستحيل إلى لا شىء، فى حين يحمل فهمى فى جيبه مرآة مستوية، يحاول أن يبصر بها الأشياء من واقع حجمها الحقيقى.

- طارق: إنك وأخاك فرحان بالضلال. ماذا تريد من البنت حنيفة؟.

- فهمى: ماذا أريد منها؟.. أريد منها ما يريده رجل من امرأة!.

- طارق: استغفر الله العظيم. استغفر الله العظيم: «ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً». هل تعلم حد الزانى فى الإسلام؟ إنه مائة جلدة.

- فهمى: مائة جلدة!. آه هذا للزانى المتزوج بأربع غير ما ملكت يمينه!.. وكل إنسان ويمينه!.. يعنى الشخص يمكن أن يدخر فى داره عشرة من الحريم. آه.. هذا لو زنا يستوجب الحد!.. والله تعالى رحيم جعل حد مثل هذا الزانى مائة جلدة فقط!.. سبحان الله الرحمن الرحيم!.

- طارق: حد الزانى المحصن هو الرجم.

- فهمى: الرجم أو الجلد!.. من يكون لديه هذا الطابور من الحريم مع فرصة الطلاق والزواج ويزنى يستحق. وعموماً فالزواج سينقرض بمرور الوقت، وبذا لن يصح تطبيق الحد على الزانى غير المتزوج لأنه جائع. والجائع مضطر. والمضطر لا إثم عليه!. المضطر يركب الصعب. وأنا أريد أن أركب!.

- طارق: انتهِ يا مختار عما أنت فيه. انتهِ خير لك!.

مختار غارق فى الهذيان إلى جوار عم عباس عجوز السبيل: «دسوا السم فى العسل وأطعموه للحسن، ورددوا ولله جنود من عسل!.. وجروا الحسين إلى العراق وذبحوه ظمآناً. ومن قبلهما طعنوا الفارس علىّ من الخلف!. مات بسيف الخيانة. الفارس الذى سقط الجميع أمامه سقط من الخلف. قتله الخوارج غدراً وغيلة.

- عجوز السبيل: ولكنه سيعود!.. الفارس سيعود.. الفارس سيعود......!.

- مختار: قل يا عم عباس. أكمل: سيعود!.. سيعود وأمل ستعود يا عم عباس!.. نعم ستعود!.

- عجوز السبيل: سنوات طويلة يا مختار!.. أناديه ولا يجيب!.. أنتظره ولا يعود!.. فمتى سيسمع لى؟! متى سيعود إلى؟!.

- مختار: لا يا عم عباس!.. سيسمع لك ويعود!.. سيعيده شوقه إليك!.

- عجوز السبيل: شوقه؟!. إن الشوق شوقى!.. والجرح جرحى!.. وويل للمشتاق من الناسى!.. ويل للمشتاق من الناسى!.

- مختار: ويل للمشتاق من الناسى!.

- عجوز السبيل: المشتاق يذهب!.. والناسى لا يعود!.. لا يعود!.

- مختار: لا يا عم عباس هو الذى سيجىء!.. سيتذكر ويعود.

- عجوز السبيل: المشتاق يذهب!.. والناسى لا يعود!.. لا يعود!.

- مختار (بقلق): عم عباس.. ما لك؟.. إنك تتنفس بسرعة!.. كوب ماء يا ناس. كوب ماء.

- أحدهم: لا يوجد فى السبيل ماء!.

- مختار (بدهشة): السبيل ليس به ماء؟!.

- أحدهم: كان زمان!.. ماء السبيل جف!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف