التحرير
محمد نجاتى
الشغل والهم جزء من الحياة.. وليسا الحياة
الواحد بيشتغل من آخر سنة فى المدرسة... يعني من حوالي ١٢ سنة "كنت باجري فى أي لقمة" و فشل الشغلانة اللى أنا باعملها دايما بتأثر على نفسيتي.

فشلت فى أكثر من عشرة مشاريع خلال عشر سنين.. ما بين مجلات ومحلات وتوزيع وكتابة أغان وتجارة.. ومع كل مشكلة كنت باكتئب واختفي وأفضل أفكّر أنا ليه فشلت

وأكتب فشلي على ورقة وأشوف أنا اتعلمت إيه.

ودا أثّر عليا سلبيا فى حاجات كتير وعلاقتي بالناس اللى كانوا بيبقوا معايا فى المشاريع الفاشلة.. علشان أسوأ ما في الناس بيبان فى الخسارة مش فى المكسب.. فخسرت ناس كتير بسبب الشغل معاهم.

ورغم أن في مشاريع كتير نجحت الحمد لله، واستفدت منها وناس كتير استفادت معايا بس بطبعي باشوف المشكلات بس، فمعظم الوقت بافتكر المشكلات.
لما اتخرجت من الجامعة واشتغلت فى شركات اتعلمت حاجة مهمة جدا.. صاحب الشغل أو "الراجل الكبير".. كان بيبقي فيه مشكلات كتيرة فى الشغل ولما أشوفه فى مكان وفى حاجة في الشغل ألاقيه بيهرج ويضحك.. ماكنتش بابقي فاهم إزاي.. دا أنا -اللى يحسره- موظف صغير قلقان ومابنمش إزاي هوّ مش فارق ليه كده؟

بعدين ابتديت أعمل مشاريع صغيرة جنب الشغل فيها النجاح والفشل، كنت دايما باحس إن فشلها أو نجاحها "آخر الدنيا" والحماس كان ساعات بيخليني أخسر حاجات أهم بكتير من المكاسب.

مع الوقت ابتديت أشتغل فى محاولة تقويم شركات فى الخدمات عندها مشكلات أو مش شغالة أو ما يسمي بالـ"turnarounds"... فابتدت المشكلات فى الشركات تبقي فى حجم أكبر من إنه يتحل أو فى يوم أو شهر أو حتى فى سنة، فابتديت أشيل همّ مشكلات الشركات دي و"آخدها على صدري" زي ما بيقوله.

وابتدي دا يأثر عليا بشكل سلبي فى حياتي الشخصية، علشان حالة الشركات بقت بتطبع على حالتي النفسية... ودايما هيبقي في مشكلة وحلها عادة بيبقي أصلا إنه يحصل مشكلة أو إنك تاخد المشكلة للآخر.. أو إنك تاخد قرارات كبيرة بتغيير مسار الشركة أو تغير شخصا مؤثرا فى الشركة اللى هي كلها مشكلات أصلا.

ابتدي يجيلي مشكلات صحية... وده حصل برضه لشريكي، ودي كانت أول "لمبة" فى سلسلة اللمض اللى خليتني أبتدي أغيّر نظرتي، علشان الصحة أهم من الشغل بكتير علشان ببساطة من غير صحة مفيش حياة مش شغل بس اللى هو جزء من الحياة.

بعدها ابتدت الناس تبعد عني من كتر ما انا طول النهار باتكلم فى التليفون وباحاول أحل المشكلات بسرعة، اللى هي تاني "لمبة" علشان أحل المشكلة بسرعة ماباستعملش غير إني باجيب مشكلة أكبر، فابتديت أشوف جملة "work smart dont work hard"، وإن عدد ساعات الشغل مش مهمة خالص المهم النتيجة.

كان مهم أوي بالنسبة لي رضا كل الناس، فكنت باضايق أوي لما حد مايبقاش راضي عني... وأكتشف إن أنا بحوّل أملي "منخل" كل شخص هيحبك لمصلحته وهيكرهك لمصلحته وهيشتم فيك لما يحتاج.. وإن مستحيل هترضي الناس أخْرك هترضي أهلك

ودي أصلا صعبة.. "لا تخسر قيمتك بكلمة.. ولا تفقد احترامك بزلة.. ولا تجعل همك في الدنيا هو حب الناس لك.. فالناس قلوبهم متقلبة.. تعزك اليوم وتكرهك غدا".. ودي كانت تالت "لمبة".. كل ما تحاول ترضي الناس هتزعل وتجيب ناس تزعل وهما مش هيرضو.. فارضي ربنا ومش مهم أي حاجة تانية.

كان في شخص بسيط جدا بيبهرني برضاه.. كان بيلف ببخور زمان فى الشارع

وبعدين خد مكان وبقي بيركن فيه الناس.. كنت كل ما أتكلم معاه أنبهر بالرضا الرهيب، الراجل ده علمني إن "الرضا" مالوش أي دعوة بالفلوس أو النجاح.. فنانين

ومليارديرات بينتحروا، الراجل اللى مش عارف بكره هياكل إزاي بس سايبها على الله وراضي... ودي كانت رابع "لمبة"، الرضا ملوش دعوة بالمشكلات أو بالنجاح دي حاجة داخلية كل فكرتها إن "بطاريتك تبقى معاك" وبطاريتك تبقى إنك سايبها على الله مش طول النهار عمّال تحسب وتحاول تظبط كل حاجة علشان مستحيل.

إضافة إلى ده برضه الشغل من بره غير من جوه. ممكن تلاقي حاجة من بره شكلها رهيب ومن جوه تبقى "متهربدة".. أو العكس حاجة من بره تبقى "متهربدة" بس من جوه متظبطة.. فماتحاولش تقلد حد ناجح علشان مش لازم تستحمل زيه أو انت مش عارف هو فشل فى إيه وماتنبهرش بأي حاجة خارجية.. في رجل أعمال كبير فى لقاء تليفزيون بمحطة مملوكة له قال للمذيع "إنتو ماتقبضوش والناس بتمشي" رغم أنها قناة رهيبة وفى مبني رهيب وهو ممكن يدفع بسهولة بس لو الشغل ممشيش نفسه مايبقاش شغل... ودي كانت آخر "لمبة".. الشغل فى الآخر "excelaya" شوية أرقام كتير أو قليلة وشيل الهم مابيفرقش فيها بأي شكل.. غير أنه بيخليك تقراها غلط، لو انت قلقان.. فلازم تفصل بين حياتك وشغلك علشان تعرف تعيش وتعرف تشتغل... والشغل كله مشكلات لو سبتها تاكلك هتموتك وماحدش هيستفيد حاجة حتى الناس اللى انت بتحاول ترضيها ممكن يزعلوا عليك شوية بس هتنساك لما تموت.
نفسي أعرف أعمل بالكلام اللى أنا كتبته ده... النصيحة سهلة بس إنك تسمع لنفسك

وتنفذها صعب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف