محمود سلطان
ماذا تعنى محاكمة المتظاهرين في "السر"؟!
يوم أمس الأول 30/4/2016، قضت إحدى محاكم القاهرة، بحظر النشر في محاكمة متهمين بالتظاهر في ذكرى تحرير سيناء 25/4!! اللافت أن المحكمة انعقدت في معسكر أمن مركزي بأكتوبر.. ولا ندرى ما الحكمة في ذلك؟!.. فكيف ـ إذن ـ ندافع عن المحاكم ضد "أهل الشر" الذين يريدون هدم مؤسسات الدولة.. والعالم كله يرى محاكمة مدنيين داخل ثكنة أمنية أو عسكرية؟! المسألة لم تتوقف عند هذا الحد ـ معسكر الأمن المركزي ـ وإنما عند قرار حظر النشر في قضية تظاهر!! فالأصل هو "علانية المحكمة".. فلم تقرر أن تكون "سرية"؟!.. وهى مجرد قضية عادية، تتعلق بـ111 شابًا متهمين بالتظاهر بدون رخصة من الداخلية!! فما هى مبررات أن يعتقلوا ويحاكموا سرًا بعيدًا عن العيون؟! من المعتاد أن يتقبل الرأي العام حظر النشر في أية قضية قد يلحق النشر فيها ضررًا بالأمن القومي: المعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة وتشكيلاتها وتحركاتها وعتادها وتموينها وأفرادها وبصفة عامة كل ما له مساس بالشئون العسكرية والإستراتيجية وكذلك الأخبار والمعلومات المتعلقة بالتدابير والإجراءات التي تتخذ لكشف الجرائم.. ولكن أن يحظر النشر في قضية تظاهر، فهو ما يثير التساؤلات! ربما يكون للمحكمة أسبابها.. ولكن أيًا كانت الأسباب ـ التى لا يعرفها أحد بعد ـ فإن قرار الحظر، سيعطى غطاء قضائيًا، للاعتقالات السرية، وبكل أنماطها المختلفة والمثيرة للجدل والتي أساءت لسمعة مصر في الخارج، وهو "الاختفاء القسرى".. فلا فرق تقريبًا بين أن تعتقل شبابًا وتحظر النشر بشأن عمليات الاعتقالات والمحاكمة.. وبين "الاختفاء القسرى".. فحين تعتقل مواطنين سرًا.. وتحاكمهم سرًا وبدون أية غطاء إعلامي.. فنحن هنا بصدد مستوى من مستويات الاختفاء القسرى. الرئيس عبد الفتاح السيسى، طالب الشعب المصري، في كلمته الأخيرة، بالحفاظ على مؤسسات الدولة ضد "أهل الشر" الذين يتربصون بها.. ولكن هل يعتقد الرئيس أن مثل هذا المشهد، من شأنه أن يشجع المصريين على أن يتحمسوا لما طالبهم به فى خطابه؟! لا يوجد مصرى وطنى يريد الإساءة لمؤسساته أو إهانتها أو هدمها.. ولكن بعض تلك المؤسسات هى التى تأتى من لدنها، بما ينقلها إلى موضع، تكون فيه عرضة لكل ما يثير قلقنا على مستقبلها واستقرارها وشفافيتها. أعرف أن هناك قوانين تردع "المتطاولين" على المؤسسات.. ولكن تلك القوانين غير كافية الآن، فالدنيا تغيرت، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي، أداة أقوى بكثير من قدرة تلك القوانين على الردع.. وعلى الدولة أن تكون أكثر رشدًا فى هذه المسألة، وعليها أن تبدع من الإجراءات ما يساعد الناس على أن تثق فى مؤسساتها وأن تحترمها.. ولكن منطق "هو كدا وإذا كان عاجبكم".. لم يعد "يبيع".. وبالعناد وبالإصرار عليه البلد "ستضيع".