الصباح
سليمان جودة
«عسكر» آخر.. لسيناء!
كلما سقط شهيد جديد فى شمال سيناء، سألت نفسى: كم بلغ العدد الآن من الضباط والجنود الذين ترتوى الأرض بدمائهم هناك، فى كل صباح تقريبًا؟!
استوقفنى خبر استشهاد ضابط وجنديين فى العريش صباح الأحد الماضى، وتوقفت طويلًا أمام الخبر المنشور فى الصفحة الأولى من الأهرام، وبحثت عنه فى صحيفة الأخبار فلم أجد له أثرًا فى صفحتها الأولى، وخشيت أن يكون المسئول عن الصفحة قد اعتاد مثل كثيرين بيننا على مثل هذا الخبر، فلم يعد يستوقفه ليجعله فى صدر الجريدة، لعل المصريين بامتداد البلد يعرفون أو يلتفتون كما يجب، إلى أن هناك ضباطًا وجنودًا يسقطون شهداء تارة ويصابون تارة أخرى، من أجل أن يعيش سائر المواطنين فى أمن، وفى سلام.
إن الجيش يقود عملية باسلة فى سيناء تحت شعار «حق الشهيد».. وهى عملية كانت لها مرحلة أولى، مرت بها، ثم هى الآن فى مرحلتها الثانية، ولو كان الأمر فى يدى لجعلتها عشر مراحل، أو حتى عشرين إلى أن نطهر أرضنا تمامًا، من أهل الإرهاب، وإلى أن يعود حق كل شهيد سقط، وهو يدافع عن أرضه، ففقد حياته، أو أصيب وهو يذود عن الأرض!
إن قيمة عملية بهذا الاسم، أنها تلفت انتباه الذين يقيمون الدنيا، ولا يقعدونها، داخل مصر أو خارجها، حول حقوق الإنسان، لابد أن يكونوا موضوعيين ولو قليلاً، وأن يدركوا أن هؤلاء الضباط والجنود الأبطال، سواء كانوا شهداءً، أو مصابين لهم حقوق أيضًا، ومن الضرورى أن تصان وأن نستردها من خلال عملية «حق الشهيد» أو من خلال غيرها من العمليات، وأن نكون أمناء فى ذلك تمام الأمانة!
كم قارئًا من قراء «الأهرام» استوقفه الخبر.. كما استوقفنى، وكم واحدًا ممن طالعوا الصحيفة، تألموا له، وحزنوا على الضابط والجنديين، كما حزنت من جانبى؟!
السؤال يؤرقنى، والسبب أننى أشعر أن جيشنا الباسل يخوض معركته ضد أهل الشر، فى صمت، ويدفع الثمن من حياة أفراده فى هدوء، ويواصل معركته فى صمود، ثم بشجاعة ليست غريبة عليه، بل هى جزء من تكوينه، ومن عقيدته الوطنية.
لقد قرر الرئيس فى مرحلة من مراحل الحرب على الإرهاب، تعيين الفريق أسامة عسكر قائدًا للحرب عليه فى منطقة شرق قناة السويس، وأتصور أن الأمر فى هذه الحرب قد اختلف بعد قرار الفريق عسكر، عنه قبل القرار.. وإذا كان لى أن أقول شيئًا فى هذا الملف، فهذا الشىء هو أن الفريق عسكر ربما يكون مدعوًا إلى أن يراجع خططه بهذا الشأن، أولًا بأول، وأن يعدل فيها أيضًا، أولًا بأول.. وإن كنت أتوقع بالطبع أن يكون قد فعل ذلك ويفعله.
لست عسكريًا، والعسكريون هم أولى الناس بالأمر كله، وهم أدرى بها، بمثل ما إن أهل مكة أدرى بشعابها، ولكننى ألاحظ أن نزيف دماء ضباطنا وجنودنا فى شمال سيناء تحديدًا لا يكاد يجف، حتى يسيل من جديد.. إننا نثق فى قدرات الفريق عسكر، ونثق فى قدرته على أن ينهض بالمهمة التى وضعها الرئيس على كتفيه، وربما يكون مطلوبًا أن يكون التنسيق وبين الأجهزة المختلفة فى سيناء، أقوى مما هو عليه الآن، لأننى لا أنسى أننى سمعت من خبير أمنى، ذات يوم، أن القضاء على الإرهاب هناك ممكن، بل سهل بشرط أن يكون التنسيق بين مختلف الاجهزة المعنية، على نحو ما يجب أن يكون عليه.
وإذا كانت منطقة شرق القناة فى حاجة إلى شىء مهم الآن، فهذا الشىء هو أن يسمى الرئيس لها أسامة عسكر آخر.. أقصد «عسكر» على المستوى الاقتصادى فيكون مسئولًا عن هذا الجانب من الملف فيها، بمثل ما أن الفريق أسامة عسكر مسئول عن الجانب العسكرى والأمنى بمختلف معانيه.
حق الشهيد، كعملية، ليست عادية فى حد ذاتها، ولكنها وسيلة لاسترداد حق وتطهير أرض، ولن تحقق هدفها إلا إذا راجعنا أداءنا الحالى، وإلا إذا ترافق مع الجهد العسكرى المشرف جهد تنموى حقيقى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف