الصباح
ايهاب البدوى
فاكر نفسك تقدر تضحك على «زكى بشّكها»
نحن نعيش فى وطن انقسم بين مواطنين سوبر اكسترا بلاس من عينة أحمد موسى ومصطفى بكرى، ومواطنين هاى كواليتى من عينة جمال عيد وجميلة إسماعيل وخالد على، بينما أصحاب الوطن الحقيقيون لا يعنيهم السوبر اكسترا ولا الهاى كلاس معظمهم على رأى المثل الشعبى «يسألوا الله حق النشوق»،
هؤلاء تحديدًا أكثر طبقة عانت من الثوار والوطنيين والسوبر ثوار والسوبر وطنيين الذين يقطعون أحشاء بعض كل ليلة على شاشات الفضائيات أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، فطائفة تدعى أن هذا الشعب يحتاج إلى الأكل والشرب والشغل ولم يعد لديه ترف البحث عن حقوق إنسان وهمية، والطرف الثانى يرى أن حقوق الإنسان -ولنكن أكثر تحديدًا- حقوق التظاهر والهتاف بسقوط السيسى والبلد هى ما يصبو إليه المصريون.
أنا شخصيًا أرى أن الإنسان يريد الخبز ويريد الحرية أيضًا ولا مانع من أن يحصل مع الرغيف على حتة جبنة أيضًا، وكذلك أقصى قدر من الحرية التى لا تسمح له بالتعدى على حقوق الآخرين.
لذلك كلا الفريقين يتحدث بلسان الشعب وأظن أن الشعب منه براء، الفصيل الأول حاليًا يقول إن الرجل يقوم بمعجزة اقتصادية ويروج إلى أن هناك مؤامرة ضخمة على السيسى يشارك فيها الفريق الثانى وأن السيسى لو سقط ستنتهى مصر تمامًا وسيتم تقسيمها فورًا، أنا شخصيًا أعتقد أن هذا الطرح من قبيل «الأفورة» الإعلامية وتخويف الناس من أى انتقاد للرجل وسياسته لأن مصر بتركيبتها عسيرة على السقوط، فلم تسقط ولم تتفكك أو تتقلص حدودها على مر التاريخ حتى فى أكثر العصور انحطاطًا وتحديدًا لن يسمح الجيش تحت أى ظرف بسقوطها وهو القوة القاهرة والقادرة فى البلد وبشكل أدق لو رأى الجيش بقياداته أن السيسى يسير بمصر إلى هاوية فإنهم أول من سيخرج عليه أو على الأقل يساندون من يخرج كما فعلوها مع مبارك.
قادة الجيش لديهم عقيدة واحدة قوية راسخة هى الحفاظ على كيان الوطن فى صورة دولة تقف على قدميها سواء حكمها الإخوان كما فى حالة محمد مرسى أو حكمها الفلول كما كان سيحدث مع شفيق، إذن الخط الأحمر لدى الجيش هو هيكل الدولة بغض النظر عمن سيحكمها والسيسى لن يكون أعز عليهم من مبارك، لذلك هذا الطرح من وجهة نظرى ليس له أى موقع من الإعراب سوى تخويف الناس من المستقبل المجهول إذا سقطت تجربة السيسى وهى بالمناسبة لن تسقط لأن الجيش يساندها وأيضا قطاع كبير جدًا من المواطنين يحبون الرجل وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، أو أظن أنه لا يمكن إنكارها.
الفصيل الثانى يرى أن الرجل يقمع ويضطهد الإنسان وحقوقه ويترحمون على أيام الحريات فى عهد مبارك ومرسى وأن الرجل مشروعاته فاشلة ويقود البلد نحو الخراب وهو طرح فى غير محله على الإطلاق لأسباب عديدة من يهاجم السيسى مثلا هم من كانوا يدافعون عنه ويروجون له حاكمًا مثل إبراهيم عيسى ويوسف الحسينى وحازم عبد العظيم وآخرين.
وهؤلاء وغيرهم مازالوا على الساحة يهاجمون وينتقدون دون أن يمسهم أذى حكومى هم يعانون فقط من هجوم كاسح من أنصار التيار الأول أحمد موسى وشركاه ومن تيار شعبى كاسح يحب السيسى -ولو لم نعترف بهذه الحقيقة نكون قد كذبنا على أنفسنا- كما أن الحكم على سياسة الرجل الاقتصادية يجب ألا تكون بمعزل عن الاقتصاد العالمى المتدهور الذى جعل دول الخليج تفكر ولأول مرة فى تاريخها فى الاقتراض وتتخذ قرارات برفع أسعار الطاقة وما تعكسه من رفع أسعار السلع والخدمات، كما أن حجم المشروعات والاستثمارات المعلن عنها كبيرة، والرجل قضى على طوابير الأنابيب والبنزين والعيش ووفر تموينًا جيدًا وسلعًا بأسعار مناسبة لقطاع كبير من المواطنين.
لكن هل يعنى الأمر أن التيارين المتعارضين هما فقط سبب أزمة الوطن حاليا؟
يقينًا لا..السبب الرئيسى هو البطء فى اتخاذ القرار واتخاذ قرارات خاطئة فى توقيت أكثر خطأ بداية من قانون التظاهر الذى فتح على مصر أبواب جهنم وحتى سيناريو الإعلان عن الجزيرتين الـذى عمق الانقسام بين المصريين، والأخطر عدم فهم طبيعة الشعب حاليًا الذى يعيش طور المراهقة الديمقراطية التى تتسم بالعناد والشطط والتمسك بالرأى والمغالاة فى الإعلان عن النفس والموقف، شعب له هذه الصفات لا يعامل بالمنع ولا الشدة بل بالاحتواء والحوار وتمكينه من خدمه بلده بالطريقة التى يفهمها.
الرئيس ومن حوله لم يجدوا مفتاح هؤلاء الشباب، مع أن أى مسئول فيهم لو دقق فى ابنه الذى يبلغ من العمر عشرين عاما -أكبر أو أصغر قليلا- سيجد نفسه يعانى نفس المعاناة مع طموح وجموح شاب فإما أن يكسره أو يقهره أو يتحمل نزقه ويوجه طاقته للبناء بدلًا من أن يتحول إلى معول هدم، هذه التركيبة الإنسانية هى من تبنى مستقبل حقيقى لكن للأسف لا أجد فيمن حول الرئيس من لديه قدرة على تجسير الهوة والمسافة بين هؤلاء الشباب وبين أفكار الرئيس وطموحاته وهذا هو الخطر الأكبر.
إذن ما الحل ومن نبدأ؟
أعود وأكرر الحل والبداية من عند الرئيس، يجب أن تقبل العمل فى ظل انتقادات حادة.
وأن تعمل فى ظل عدم رضا ومطالبات برحيلك وان تعمل فى ظل مظاهرات تهتف بسقوطك، وأن تمد يدك مع كل ما سبق إلى هؤلاء الذين يعارضون طريقة إدارتك -وأنا أفرق بين من يعارضون طريقة إدارتك للبلاد وبين من يكرهونك- هذه هى المعادلة الديمقراطية ونجاحك هو ما سيخرس الألسنة حولك.
البعض كان يشبهك بـ عبدالناصر وأنت تميل لهذا التشبيه لكننى أشبهك بالسادات، الرجل بدأ حكمه بعدم رضا من الاتحاد الاشتراكى -الإخوان فى حالتك- السادات واجه مظاهرات عارمة ضده من شعب يحثه على اتخاذ قرار الحرب حتى لو سيخسرها والرجل صبر وتحمل سخافات عبدالمنعم أبوالفتوح وهجوم حمدين صباحى عليه وعلى نظامه -وهو للمصادفة ما يحدث معك حاليًا ومن نفس الشخصين- السادات تغلب على الظروف الاقتصادية والحصار العسكرى الأمريكى والتقطير الروسى وحارب ونجح.
مطلوب منك أن تفعلها وتنجح وسيسكت الجميع وقتها، لكن أرجوك راجع طريقة اختيار مستشاريك أو من ينصحونك، لأنهم يذكرونى بـ استيفان روستى وهو يقوم بدور زكى بشّكها فى فيلم إسماعيل يس فى مستشفى المجانين، زكى بشّكها المخلّص اللى مقطّع السمكة وديلها خرج بالفانلة ولا مؤاخذة الأندر وير بعد أن ضحك عليه مواطن وجرده من هدومه، الفهلوة وفتحة الصدر لن تنقذ مصر، تخلص من كل ما هو «زكى بشّكها» حولك حتى تنجح وننجح معك .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف