يسعدنى أن أهنئكم بعيد القيامة المجيد
ويسعدنى أن أشارككم فرحتكم بالعيد فى صباح العيد من خلال جريدة الصباح.
أول أمس عاشت الكنيسة مع السيد المسيح فى تذكار لحظات موته معلقًا على عود الصليب
واليوم نعيش لحظات مفرحة فى تذكار قيامته من بين الأموات. لذا أود أن أُسلط الضوء على الموت والقيامة بمفهومها الشامل.
ما بين الأمس القريب واليوم انتقلنا من الحزن للفرح لأننا انتقلنا من الموت إلى الحياة من خلال موت السيد المسيح مصلوبًا إلى قيامته المفرحة من بين الأموات.
بالأمس البعيد كان حكم الموت على البشرية من خلال الحكم الصادر على آدم نتيجة عصيانه وعدم اهتمامه بالتحذير الإلهى « وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ». (تك 2: 16-17).
مع آدم كان الموت ومع المسيح كانت القيامة
بخطية آدم كان الموت وبقيامة السيد المسيح من بعد موته عنا كانت الحياة.
فماذا تُعنى عبارتى الموت والقيامة بالنسبة لنا ؟
أولاً: الموت والقيامة على المستوى الجسدى:
الموت الجسدى هو الأساس والقيامة الجسدية هى الاستثناء.
* الموت الجسدى:
يخضع كل البشر للموت الجسدى. فيقول عنه معلمنا بولس الرسول « آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ» ( 1كو 15: 26 )
فطالما وجدت حياة على الأرض فلابد من وجود الموت ولا ينتهى الموت إلا بنهاية العالم.
ولا ينتهى الموت إلا فى الحياة السمائية الحياة الأبدية حيث نقرأ عنها فى سفر الرؤيا «........ وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِى مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِى مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ» ( رؤ 21: 4 ).
والموت الجسدى هو انفصال الروح عن الجسد فيعود الجسد إلى التراب الذى خُلق منه كما فى سفر التكوين « وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ» ( تك 2: 7 ).
وتعود الروح منطلقة إلى جابلها.
ومن نعم الله على آدم والبشرية، أنه على الرغم من عصيان آدم وعدم إذعانه للتحذير الإلهى إلا أن الله لم ينفذ عليه حكم الموت الجسدى فور وقوعه فى الخطية بل أعطاه فرصة للحياة لأجل التزاوج والإكثار حتى يُثمر البشر على الأرض، ولكن فى نفس الوقت عانى آدم فور وقوعه فى الخطية من الموت على المستويين الروحى والأدبى.
* القيامة الجسدية ما بعد الموت:
أن يقوم الإنسان من بعد موته بمعنى أن تعود الروح إلى الجسد بعد مفارقته وممكنة من خلال القدرة الإلهية ولكنها استثنائية.
فلقد أقام السيد المسيح كلًا من:-
* ابنة يايرس وهى على فراش الموت.
* وابن أرملة نايين وهو فى الطريق لدفنه.
* ولعازر من القبر بعدما أنتن.
ثم اختتم الأمر بقيامة السيد المسيح من بين الأموات.
ثانيًا: الموت والقيامة على المستوى الروحى:
* الموت الروحى
الموت الروحى هو الانفصال عن الله والارتباط بالشياطين.
الموت الروحى هو نتيجة عصيان الله وطاعة الشيطان.
فبخضوع آدم لحواء التى خضعت للحية (الشيطان) انفصل كلاهما عن الله فتعددت خطاياهم وضعفاتهم. لذا فكل من يعيش فى الخطية هو ميت بالروح.
وفى مَثلَ الابن الضال قال الأب عنه بعد توبته «لأَنَّ ابْنِى هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ.» ( لو 15: 24 ).
ويقول معلمنا بولس للتائبين « كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا « ( أف 2: 1 ).
عكس ذلك ما يقال عن اهتمامات الروح على حساب اهتمامات الجسد «اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ « ( رو 8: 6 ).
* القيامة الروحية:
القيامة الروحية هى الانفصال عن الشيطان والعودة لله.
هى التوبة عن الخطية لأجل حياة الفضيلة.
« احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتًا عَنِ الْخَطِيَّةِ، وَلكِنْ أَحْيَاءً ِللهِ» ( رو 6: 11).
ثالثًا: الموت والقيامة على المستوى الأدبى:
* الموت الأدبى:
بالخطية والانفصال عن الله يفقد الإنسان مكانته - كرامته - بركته.
آدم والموت الأدبى:
بسبب خطيته
* فقد مكانته فتم طرده من الجنة.
* فقد البركة فقيل له « وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِى أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ.» ( تك 3: 17 – 18 ) .
* فقد المهابة فتمردت عليه الطبيعة وتمردت عليه الكائنات الأخرى.
* القيامة الأدبية:
وهى مكافأة إلهية للتائب العائد إليه.
فنجد السيد المسيح يخاطب اللص التائب المصلوب عن يمينه « الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِى فِى الْفِرْدَوْسِ» ( لو 23: 43 ).
إذا عدت تائبًا إلى الرب أعطاك نعمة فى أعين الكل « إذا أرضت الرب طرق إنسان جعل حتى أعداؤه يسالمونه».
وقيل عن يوسف الصديق «وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلًا نَاجِحًا،» ( تك 39:2).
رابعًا: الموت والقيامة على المستوى الأبدى:
* الموت الأبدى:
كل من عاش الموت الروحى على الأرض من خلال حياة الخطية ولم يتب يعانى من الموت الأبدى بعد تركه لحياة الأرض.
فطبيعة علاقتك بالله على الأرض تُحدد مصيرك الزمنى فالموت الروحى يؤول إلى موت أبدى.
• القيامة الأبدية:
يخاطب السيد المسيح كل من يسلك بالفضيلة قائلًا « اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِى السَّمَاوَاتِ « ( متى 5: 12 ).
لهذا يعلمنا أن نسعى للأبديات « اطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ» ( متى 6: 33 ).
فى القيامة الأبدية نقوم بجسد ممجد مقارنة بالجسد الترابى.
أُكرر تهنئتى لكم متمنيًا لكم حياة بقيادة الروح للجسد
لتنعموا بعشرة مقدسة مع الله لأجل حياة أبدية.