الصباح
اسراء امام
ملاحظات على هامش الأداء فى «هيبتا» نجح الممثلون ولو «صدفوا»
>>ماجد الكدوانى نجم الأداء الثابت على طريقة «المليجى والدقن»
>>ياسمين رئيس سيدة الموقف والأكثر حظًا ومهارة
بمجرد الإعلان عن العمل على إنتاج النسخة السينمائية من رواية هيبتا لـ «محمد صادق»، على الفور تم تفعيل صفحات رسمية باسم الفيلم على مواقع التواصل الاجتماعى، لبث هذه الصفحات فى تقديم خدمات إعلانية ذكية ومبتكرة، ساهمت فى انتشار الدعاية للفيلم، ونفخت فيها حِسا تحريضيًا حتى لمن لم يهتم من الأساس بقراءة الرواية، ولا يلقى بالًا بخصوص تحويلها إلى فيلم.
من ضمن ما روجت له هذه الصفحات، لفت أنظار الناس إلى الجمع غير المألوف إلى حد ما بين أكثر من نجم، لدرجة أن التخمين كان مفتوحًا أمام قراء الرواية للخوض فى هذه المتاهة، ومحاولة ربط شخصيات الرواية بالممثل الذى يليق بها. الغرض من هذا كله كان التباهى بهذه التشكيلة التى تثير الإعجاب من التلاقى التمثيلى، مما يعطى انطباعًا راجعًا على أهمية الفيلم ذاته، وحجم نية منتجيه المتفانى فى إخراجه بأفضل إمكانيات. هذا ليس عيبًا بالتأكيد. ولكن إلى أى مدى نجح هذا التوليف بين الممثلين فى خدمة الغرض الفنى حقيقة؟
«محمد فراج» من ضيوف الشرف، هو بحق من يسعك أن تصفه فى الفيلم بدور ضيف الشرف، فبرغم حضور «نيللى كريم» و«شيرين رضا» و«كندة علوش» و«هانى عادل» بشكل طفيف، يظل لهم أدوارهم المقتضبة جدًا. وهذا بالضبط ما أتحدث عنه، الحماس لامتلاء الفيلم بالممثلين إلى حد التخمة، وكأنه استقطاب عينى لمحبى هؤلاء الممثلين، إلى جانب التفكير الجانبى حول الدافع الذى قد يحض كل ممثل على قبول هذه المساحة الضئيلة، لمجرد أنه من ضمن طاقم عمل «هيبتا».
حضور «فراج» كان خفيفًا خادمًا لإطلالة الشخصية الذى يظهر بها، أما «شيرين رضا» فاختيارها فى هذا الدور يعد من الأشياء الجيدة جدًا التى ستحسب للـ«هيبتا» السينمائية، فـ«شيرين» فى هذه المشاهد القليلة الصامتة أوفت، وأضفت على ظهورها والسر الذى تخفيه شخصيتها ألقًا وأناقة، قد لا تتمكن عين ممثلة أخرى من بلوغه بهذا الشكل. «نيللى كريم»، «كندة علوش»، «هانى عادل» كانوا كإطار لامع براق، سيزيد الصورة وجاهة وقيمة. فالشخصيات التى لعبوها لم تتطلب حضورهما بالذات، ولم تتقدم بهما كثيرًا، فهم وجدوا ليدعموا نظرية «فيلم هيبتا فيلم مهم، لدرجة تُشرِف وتتشرف بمشاركة النجوم فى أدوار جانبية».
أما عن الأدوار الرئيسية فلنا حديث آخر...
ياسمين رئيس
ثمة مشهد فى الرواية، تحكى فيه رؤى (الشخصية التى تلعبها ياسمين رئيس) عن اغتصاب حبيبها السابق لها، حدوتة مفتعلة ومبتذلة وتعد من أكثر الأحداث سخافة فى الرواية، مما يجعل قارىء الرواية جالسًا متربصًا لهذا المشهد فى الفيلم، مُهَيأ نفسيًا لعدم التعاطى معه. ولكن «ياسمين رئيس» تحول بينه وبين حدوث ذلك. فهذه الموهوبة تؤدى بروح متخمة تمثيل، إحساسها يُوجِد لنفسه سبلًا أخرى غير التى عهدناها فى الأداء. انفعالاتها تسرى فيها كلدغة عقرب، لا تُمهِلها ولا تُمهِلنا..
يكفينا أن نراقب عينيها المتجمدتين والمحتقنتين فى آن، وهى تقص حدوتها فى هذا المشهد، ترِف بهما فى نظرة عادية، وفى الوقت نفسه تشع من خلالهما عصبية وعدم استقرار، كل هذا فى تناغم لا إرادى مع طبقات صوتها، لا تتعمده، ولا تتقصد التباهى به فى نفسها. وعندما تبلغ الحكاية مبلغ الذورة فى الألم، تضطرب عيناها وكأنها عيون المرأة التى تشخصها، العيون التى تَقبض على إحساسها وتواريه حتى لا تُعرِى صاحبتها، وليس عيون الممثلة التى تتأهل لكى تكشف عن مدى تأثرها بأوجاع الشخصية التى تقوم بدورها. «ياسمين رئيس» ليست ممثلة نضرة وموهوبة، يتوافر فيها مواصفات النجمة وكفى، وإنما هى مؤدية من طراز فريد.
ماجد الكدوانى
طبقة الصوت الرصينة، نظرة العين المتمهلة المطلعة على كافة الأمور، لغة الجسد الهادئة التى توحى بأنها تضربك فى مقتل. هذا هو «ماجد الكدوانى» أخيرا فى أكثر من فيلم. مع اختلافات لا تكاد تذكر، يطل علينا فى ثوبه الجديد بعد هجره للكوميديا، وبعدما يزيد اللغط عن العظمة التى تتلبسه وهو يستدعى الممثل غير الكوميدى بداخله.
الحقيقة أن «ماجد» كان عظيمًا أيضًا وهو كوميديان، قادر على التلون بحق، وصانع ناصية تميزه فى صناعة الإفيه، والعمل على خلق شخصيات حتى وإن كانت مضحكة، فإنها تختلف تمامًا عن بعضها البعض.
ليس ثمة اعتراض أبدًا، أن يُظهِر موهبته فى أدوار بعيدة عن الكوميديا، ولكن كل العيب يكمن فى امتهانه لأدوار متشابهة، يراها الآخرون دائمًا عظيمة لمجرد أنه يعتلى المسرح خالعًا وجه المهرج، وكأن المهرج فى دخيلة نفوس المعظم، أقل قيمة حتى وإن كان محبوبًا.
دور «شكرى» لم يضف إلى ماجد مثله مثل غيره من الأدوار التى تسبقه، فهو منذ وقت يقف عند منطقة ثابتة فى الأداء، تنال تفخيمًا أكثر من حقها، وتدفعه كممثل، لأن يبحث فى اختياراته عن أشباهها، يستولدها كل مرة من جديد، وإن استمر الوضع هكذا سيفقد نفسه فيها.
أدواره بعيدًا عن الكوميديا تبهت بالتبعية، فاطلالته فى فيلم «أسماء» مثلًا كانت براقة وحقيقية أكثر. إنها القولبة التى سبق وأن وضعوا فيها «المليجى» و«توفيق الدقن» وغيرهما، ولكنها هنا تحدث برقى وإصرار أكبر على التعامى. المنتجون الآن، حينما يقع فى أيديهم نوعية هذه الأدوار يتفقدون هواتفهم، ويتحدثون إلى «ماجد الكدوانى».
أحمد مالك
موهوب، ولكن مشكلته الأكبر والتى تعوق مهنته، وتأخذ من وقع أدائه، هى طريقة نطقه. فهو يمضغ الحروف مضغًا، ويجعلنا نبذل مجهودًا فى الالتفات إلى ما يقوله. والحقيقة أن هذه المعضلة، تفاقمت فى أدائه لشخصية «كريم» فى هيبتا.
فهو ممثل يحتاج لمراقبة وعرة من المخرج الذى يعمل معه، وبالرغم من المجهود الذى يحتاجه فى تقويم هذه الملحوظة، إلا أنه يستحقه، فالموهبة التى يمتلكها عفوية ومتميزة. وقد نجح فى تجسيد «كريم» إلى حد ما بسلاسة.
جميلة عوض
لكنة فتيات المدارس الأجنبية، والتى تلائم دومًا الأدوار التى يتم اختيارها فيها، لن يؤدى بها إلا لنفس مصير القولبة. فهى تحتاج دورًا مختلفًا إلى حد ما، حتى ليمهد لنا فرصة فى الحكم على أدائها بإنصاف.
آخر كلمتين:
_«عمرو يوسف» يثبت فى كل مرة أنه ممثل متواضع جدًا، ولكن من حظه العثر فى «هيبتا» أن مشاهده دوما كانت مع «ياسمين رئيس»، مما زاد الطين بلة.
_ «أحمد بدير» كان خير مؤد لشخصية «عبدالحميد» فوضعها فى خانتها المطلوبة تمامًا، وخلق لها هيبة إنسانية مميزة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف