بمناسبة تزامن الاحتفال باليوم العالمى لحرية الصحافة (3 مايو) مع احتفالات نقابة الصحفيين المصريين العتيدة بمرور 75 عاما على إنشائها، اقتحمت قوات الشرطة المصرية مقر النقابة بوسط القاهرة فى سابقة هى الأولى من نوعها طوال تاريخها الممتد منذ عام 1941.
هل هناك «فضيحة» أكبر من ذلك؟ وهل هناك «خيبة» تفوق ذلك؟ ولأن الحدث فريد وغريب فى العالم كله، انتشرت أنباء اقتحام مقر النقابة المصرية فى العالم كله انتشار النار فى الهشيم كما يقال، فالحدث جلل والواقعة تنطوى على جهل فادح وفاضح بألف باء السياسة! أليس لوزير الداخلية مستشار سياسى عاقل يهمس فى أذنه ليقول له «سيادة الوزير.. هذا تصرف خطير وغير مسبوق وسوف يشكل فضيحة لنا و للنظام السياسى فى العالم كله ...لن يقول أحد إننا ذهبنا لننفذ أمر النيابة، ولكن سوف يقال فقط إننا اقتحمنا مقر نقابة يفترض أن الحرية هى قضيتها الأساسية. يا حبذا ياسيادة الوزير لو تتصل بنقيب الصحفيين وتخبره بالمطلوب، فإذا رفض أو ماطل نستطيع ان ننتظر لحين خروجهما من النقابة إن عاجلا أو آجلا، ولسنا على الإطلاق فى عجلة من أمرنا»! ولكن يبدو أن العقلية المسيطرة على وزارة الداخلية هى نفس العقلية القديمة جدا، برغم المبنى الحديث جدا الذى انتقلت إليه أخيرا. نفس العقلية التى استسهلت اقتحام اعتصام رابعة الشهير، بدلا من حصاره حصارا محكما طويل النفس، ليصنع أعداء الوطن منها أسطورة. يتغنون به! إننى أكتب هذه الكلمات دعما وتأييدا للصحفيين الشابين عمرو بدر ومحمود السقا مع أننى أختلف جذريا مع موقفهما من قضية الجزيرتين ولكن تلك قضية أخرى تماما، ومن حق أى مواطن مصرى - فضلا عن أن يكون صحفيا- أن يعبر عن آرائه المعارضة بكل حرية، وبكل الأساليب التى يكفلها الدستور والقانون. لذلك، ومرة أخري، أدين الاقتحام الأحمق وغير المسئول لنقابة الصحفيين، وأدعم حق ـ بل وواجب- جمعيتها العمومية أن تنتفض وترفض تلك السابقة الخطيرة، التى ينبغى ألا تمر دون مساءلة، وأدعو النقابات المصرية جميعها، مهنية وعمالية، وكذلك الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية لإدانة اقتحام مقر نقابة الصحفيين، فالحرية لا تتجزأ، وإقرار قواعدها وترسيخها هى فى مقدمة الأهداف التى قامت من أجلها ثورتا 25 يناير و30 يونيو العظيمتان.