أحمد عبد التواب
اقتحام النقابة بلا قانون ولا سياسة
خطأ الشرطة الأفدح من اقتحام نقابة الصحفيين هو تهوين ما حدث والتلاعب بمعنى كلمة «الاقتحام» التى يبدو أنهم لا يفهمون سوى أنها تحطيم للبوَّابة وضرب لحراسها وتكسير للزجاج! وما دام أن شيئاً من هذا لم يحدث فإنهم يرون أنه لم يكن هنالك اقتحام!
طيب. وماذا عن القانون؟ النقيب يحيى قلاش يؤكد أن إجراءات تفتيش النقابة تُوجِب حضور النيابة العامة فى وجود النقيب أو من يمثله. ولكن الشرطة تتلاعب بالكلمات مرة أخرى، بأن مهمتهم لم تكن التفتيش وإنما تنفيذ أمر النيابة بضبط وإحضار المتهمين الإثنين من محل إقامتهما! ولكن النقابة ليست محل إقامة أى من أعضائها!!
صحيح أنه ليس على رءوس الصحفيين ريشة، كما سخر بعض المستنكرين لموقف النقابة والجماعة الصحفية، ولكن هذا يتغافل الموقف المبدئى بآلاف التغطيات الصحفية عبر سنوات بوجوب احترام الكافة.
وأما فى صلب الموضوع، فإن الصحافة والصحفيين فى أمسّ الحاجة، اليوم فى جمعيتهم العمومية الاستثنائية، لتأييد أنصار الحريات، ليس دفاعاً عن مصالح فئوية للصحفيين، ولكن دعم لدورهم المهنى الذى لا يترسخ إلا فى مناخ الأمان، وبتوفير القوانين التى تدفع بعملهم فى سبيل خدمة حق الرأى العام فى معرفة الأخبار وخلفياتها والآراء المختلفة فى كل قضية..إلخ، خاصة بعد أن تحقق جزء معتبر من هذا بالانتهاء من صياغة القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، وكان من المتوقع أن يُعرَض على مجلس الوزراء اليوم توطئة لإقراره فى مجلس النواب فى أسرع وقت ممكن، على أن يعقبه قانون إلغاء الحبس فى قضايا النشر. وما كان للصحفيين أن يصلوا إلى هذه النقطة إلا بدعم مباشر من قطاعات عريضة من أحزاب سياسية ونقابات مهنية واتحادات عمالية وأفراد من أخلص أبناء هذا البلد. كما لا يمكن إغفال أن الضوابط التى وضعها القانون لحماية النقابة ليس المقصود منها تكريم الجماعة الصحفية أو الصحفيين، وإنما هذه المهنة التى ينتظر المواطنون منها أن تنطلق بعد طول تكبيل لتقوم بدورها العام.
لغة: كل شىء ازدريتَه فقد اقتحمتَه. والاقتحام هو أن ترمى نفسَك فى الأمر بغير رويّة ولا دُربَة ولا تثبّت.