لماذا أتذكر اليوم عيون أمي وهي تنظر اليَّ النظرة الأخيرة قبيل دخولها العناية المركزة لتخرج منها الي مثواها الاخير؟
ولماذا أتذكر ذات النظرة التي نظرها اليَّ أبي وهو في النزع الأخير.. لم يتكلم فقط نظر نظرة كانت كافية لانهياري.. أنه الوداع يا أبي؟
نظرات العيون تختزل كل ما يمكن أن يقال..نظرةحب، نظرة غيرة، نظرة شفقة، نظرة ثاقبة، وأخري منكسرة منطفئة.
لا أتحدث عن ملامح الجمال في العيون، ليس هذا ما أريد، فقط أريد أن أتحدث عن لغة العيون، احتار كثيرا في الكيفية التي تنجح بها عيون الانسان، وحتي الحيوان، في أن تقول كل ما يمكن أن يقال دون أن تحرك شفتيك .
نظرة الأم إلي وليدها حانية، راقية، كأن أهداب عينيها تكاد تتلحف الوليد، وتحيطه بالرعاية، نظرة الحبيب، لاتخطئها عين!
الصبي تفضحه عيونه.. والمريض كل ألمه يتركز في العين، في النظرة، في البريق الذي ينطفئ، وتحل محله غلالة تغطي الألم، والدموع، والهموم.
وقانا الله وإياكم نظرة الاحتقار، تطير بسببها الرقاب، ويفترق الأصحاب، ويذهب كل في حال سبيله.
نظر اليَّ نظرة ثالث: ارح نفسك وأرضي.. عندما تعتل الأبدان، تنطفئ كل الأنوار، وتزهد في الدنيا، وكل مافيها، علة المرض تظهر في العيون التي تفضح.
للعين بريق إذا انطفأ.. انتهت الدنيا.