التعامل مع قضية سعر الصرف للنقد الأجنبي لا يزال يتم بعشوائية وارتباك وتعليمات تصدر متناقضة ومتضاربة.
قبل مؤتمر شرم الشيخ كانوا يقولون: اعطونا فرصة حتي ينتهي المؤتمر. وستكون هناك إصلاحات لسعر الصرف جيدة.
وخرج علينا محافظ البنك المركزي في إحدي جلسات المؤتمر يحذر تجار السوق السوداء. ويتوعدهم بالخسارة إذا لم يبع كل منهم ما لديه من دولارات خلال عشرة أيام.
التصريح في حد ذاته. والتركيز علي اللعب مع تجار السوق السوداء للنقد الأجنبي. خانه التوفيق.
ولا يمكن لصانع السياسة النقدية أن يلعب في الساحة مع تجار السوق السوداء لأن هذه مخاطرة. ولن تؤدي إلي نتائج ولا استقرار في سعر الصرف. بل ارتباك في السعر.. والسعر يتجه للزيادة برغم تأكيدات محافظ المركزي أنه ينخفض. أو سينخفض.
السياسة النقدية للصرف الأجنبي تحتاج إلي إجراءات مستقرة وحاسمة. وتضامن بين كافة البنوك العاملة علي تنفيذها.
ولا يجوز أن يخاطب المحافظ وحدات الجهاز المصرفي علي صفحات الصحف والفضائيات.
هناك عمل يجب أن يتم بين قيادات الجهاز المصرفي والتشاور معهم في التعامل مع الأوضاع الحالية. وفي المستقبل القريب.. ورؤساء البنوك لديهم علي أرض الواقع والتعاملات اليومية. المشكلات اليومية وحجم الطلب علي الدولار.. وما تم الوفاء به وما عجزت البنوك عن تدبيره. وهي أوضاع لا تناقش علناً علي صفحات الصحف والفضائيات. وليس هناك محافظ للمركزي في أي بلد بالعالم يتعامل مع قضية سعر الصرف بالتهديد لتجار السوق السوداء.. ولكن هناك إجراءات حاسمة. يجب أن تطبق.. وتحديد حجم موازنة النقد الأجنبي. وما يجب أن تستجيب له البنوك في فتح الاعتمادات فوراً مثل الأغذية والأدوية ومستلزمات الإنتاج. أما السلع الأخري فيجب الاعتذار صراحة عن فتح الاعتمادات لها حتي لا يؤثر ذلك علي زيادة الطلب علي الدولار بالسوق المحلية.
وتصريح محافظ المركزي حول السوق السوداء وأن من لا يبيع ما لديه سيخسر كثيراً. ربما يكون صحيحاً.
ولكن لا يجوز وضع السياسة النقدية استناداً إلي جشع تجار العملة أو المضاربين. بل يجب أن تكون السياسة النقدية هدفها إنهاء المضاربة وتجارة السوق السوداء. والتعليمات المتكررة للبنوك حول قواعد التعامل بالنقد الأجنبي تثير ارتباكاً في تعاملات الداخل وقلق المستثمرين الذين أقدم المحافظ علي تعويم سعر الصرف إرضاء لهم ولكنه لم يضع آلية لسعر الصرف. وما يجري هو انفلات عشوائي. يضر جداً بالاقتصاد القومي والناس وينعكس علي أسعار السلع الضرورية التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية.
وما يحوط عملية التعامل مع سعر الصرف واللعب مع مافيا السوق السوداء يذكرنا بأحد رؤساء الوزارات في بداية الألفية. الذي قال إن ارتفاع الدولار حالة نفسية. كما أن المرحوم الدكتور عبدالرازق عبدالمجيد. نائب رئيس مجلس الوزراء في عهد الرئيس السادات قال: إن الدولار كده له أكثر من سعر مثل الملوخية. وسعرها في الزمالك غير سعرها في شبرا!!!!!!!!!
وكأننا نعود إلي حالة من التهريج ولكنها ستؤدي إلي نتائج وخيمة:
سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري. لا يجب أن يترك لمافيا السوق السواء. ونتوسل إليهم أو نهددهم بالتوقف عن المضاربة علي سعر الجنيه.
هناك إجراءات اقتصادية ومالية يجب تنفيذها بعيداً عن الاستسهال وتمضية الوقت في مواقع تنفيذية ينعكس الأداء فيها علي الاقتصاد والناس.
هناك أبسط الأمور موازنة للنقد الأجنبي لها موارد واستخدامات والخروج عن هذا لا علاقة له بالبنوك أو الاقتصاد.