- مصطفى: يا الله، حرمات الله تُنتهك!.. زانٍ وزانية!.. فعلها أخوك فهمى والساقطة حنيفة ابنة بائع الفول. دافعوا عن دين الله يا إخوة. طبّقوا حد الزانى فى الإسلام عليهما. مائة جلدة وأن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين. لا بد أن يشاهد أهل السبيل جميعهم جلدهما حتى يعلم الجميع أن جنود الله يحمون حرمات الله. لن يجرؤ أحد بعدها على ارتكاب معصية.
- فهمى: ما هذا أيها المخرف؟!.. من هؤلاء الأغبياء يا طارق؟!. إنه بيتنا، ما الذى جاء بكم إلى هنا؟!.
- طارق: اسكت يا فهمى!.. اسكت!.
- فهمى: لن أسكت أبداً!.. ما لكم أنتم وما لى؟!.. إننى حر فى بيتى أفعل ما أشاء. ليس من حق أحد التدخل فى شئونى.
- مصطفى: تجهر بالمعصية أيها الفاجر؟!.. تكلمى أنتِ أيضاً أيتها الفاجرة!.
- فهمى: لا تقل عليها ذلك. تحدث معى أنا أيها المخبول. ثم لماذا أتحدث معكم من الأصل؟!.. هيا من هنا!.. (بسخرية): افرنقعى أيتها يا ذقون!.
- مصطفى: سترى ما ستفعله هذه الذقون بك وبها يا عدو الله!. هل ستمكث هنا يا طارق أم ستنزل معنا؟.
- طارق: سأنزل معكم.
تجرى حنيفة لا تعلم إلى أين؟!. تحاول أمها إيقافها لا تستطيع. يحاول أبوها إيقافها لا يستطيع. تجرى وفقط!. الناس لا يدرون لماذا تجرى، فلم يكن رفاق طارق قد أعلنوا بعد ما جرى. ظلت تجرى حنيفة بلا هدف. وأنى يكون لها هدف؟!. عاشت حالة شعورية غريبة يختلط فيها استدعاء الموقف وإحساس النشوة الذى غلبت عليه، ثم هجوم رفاق زاوية السبيل، والإحساس بالخوف من المجهول الذى يتربص بها. المهم أن حنيفة ظلت تجرى إلى أن أعياها العدو فتوقفت لتجد نفسها فجأة أمام بيتها. لم تكن تقصد الذهاب إلى هناك. لكن قدميها ساقتاها إلى المنزل دون أن تدرى. مثل الحيوان الذى تعلمت ساقاه كيف تسير إلى طريق ويعود من نفس الطريق تارة أخرى. دخلت وارتمت على كوم القش الملقى إلى جوار قدر الفول. فكرت أن تشعل النار فى القش وفى البيت وفى نفسها، لكنها خافت.. الانتحار يحتاج شجاعة لا تملكها.
نزل مصطفى ورفاقه مسرعين، ومعهم طارق يجر قدميه. دائماً كان طارق يسير فى مقدمتهم كقائد، أما هذه المرة فقد كان يسير فى الوراء، بينما سار مصطفى فى المقدمة، ناظراً إلى المؤخرة فى شماتة!. جرى الجميع نحو عم حنفى الذى كان منهمكاً فى بيع الفول. وعندما أبصر الناس منظر الإخوة الذين يقودهم مصطفى السيد خافوا وبدأوا ينفضون من حول عم حنفى فى هدوء ووقفوا على بُعد أمتار لضمان حسن الرؤية.
- مصطفى: أين ابنتك أيها الرجل المخبول؟!.
- حنفى (متعجباً): ابنتى؟! ما لها؟! هل فعلت شيئاً؟!.
- على: فعلت شيئاً؟.. فعلت مصيبة!.
- حنفى: أسرقت شيئاً منكم؟.
- مصطفى: والله لو سرقت شيئاً منا لقطعنا يدها!.. ابنتك زنت!.. زنت يا مسطول. ولو أحسنت تربيتها ما فعلت!.
- حنفى: زنت؟!.. إنى لا أفهم شيئاً. لقد كانت تجرى منذ دقائق، حتى الإيشارب كانت تلبسه!.. اتقوا الله.. لقد ناديت عليها، لكن لم تسمعنى.