علي الصفحة الدينية الأسبوعية بجريدتنا الغراء "الجمهورية" كتب الأستاذ فريد إبراهيم الكاتب الإسلامي المستنير والمشرف علي الصفحة عدة مقالات. تحت عنوان "إنهم يشعلون الوطن". رصد فيها الحرب الشرسة التي تدار بعنف حول المؤسسات الدينية وعلي رأسها الأزهر. ابتغاء تهميشه وتقزيم دوره. إن لم يكن إلغاءه.. لم ينس أن يوجه عتابا رقيقا إلا أنه جارح لمن لا يفهمه حول عدم تحديد الآليات التي يتعين علي تلك المؤسسات السير بها واتخاذها سبيلا للرقي بدورها. ولتوضيحه وبدايته الضرورية في سبيل تتبع كل المهاجمين والرد عليهم. وكشف أسلوبهم وفضح مخططاتهم.
كان المقال الرابع المنشور في عدد الجمعة الماضية من جريدة "الجمهورية". يلقي الضوء الكاشف لفضح معايير من يدعون الحرص علي حرية التعبير دون الحرص علي السلامة الوطنية والاحتقان الذي قال عنه إنه من المؤكد لن يكون في صالح الوطن. منتقدا ما أسماه الاجتياح الإباحي وتكريس ثقافة التحلل في الإعلام بأنواعه. سواء كانت حوارات وبرامج ترفيهية أو دراما من خلال المسلسلات والأفلام والمسرحيات والذي لا يقابله قبول أو رفض ممن يزعمون أنهم يسعون إلي اعتدال الوطن.
الواقع أن الفضائيات الخاصة تموج ببرامج تتنافي مع منهج وطن. ينهض من كبوته ويحاول اللحاق بركب التقدم الصناعي والزراعي وفي جميع المجالات.
فمن غير المتصور أن تستقيم الأمور في وطن يعمل فيه القائمون علي أمره بجهد وصبر وسعي مرير لتوفير كل عناصر التقدم من حث للشباب علي الجدية في العمل وتوفير الأموال الضرورية لمشروعات النهضة التي يبين أثرها في أرجاء الوطن.. في الصعيد والصحراء أو في شبه جزيرة سيناء. في الوقت الذي تبث فيه الفضائيات إعلانات استفزازية خلقيا واقتصاديا. يشاهدها البسطاء من الناس دون مراعاة مشاعرهم وحواسهم.. تعاني الناس ارتفاع الأسعار وغلو المعيشة وأزمة المواصلات والمساكن. والإعلانات تتدفق عن أماكن الترفيه وأنواع الأطعمة المختلفة والوحدات السكنية ذات الأسعار الخرافية وأفلام العري بأنواعها وبرامج المسابقات للغناء والتمثيل للشباب. وكأن الاختلاط فيها وتجمعهم بعيدا عن الأهل والبلدان شيء عادي. يتعارف عليه الناس في وطن يعاني المؤامرات في الداخل والخارج. ويبذل فيه المهمومون بمشاكله كل ما أوتوا من جهد وعرق.
من ثم فإننا ننادي مع الأستاذ فريد بأن يخرج الأزهر من عباءته الروتينية إلي المشاركة في كل عناصر الحياة. ويمتد نشاطه وأسلوب تربيته إلي اتخاذ الإعلام وسيلة حضارية هائلة التأثير في شرح قيم الإسلام ورقيه ومبادئه التي تدعو إلي بناء الحياة الحرة الكريمة القائمة علي ما ينتفع به الناس. وليكن له نموذجه الإعلامي الذي يجب أن يحتذي به. فالكلمة المؤثرة لا يمكن أن تقتصر علي خطبة الجمعة أو الحديث الديني في الإذاعة. إنما يمتد إلي إنتاج أعمال فنية راقية. تبث في نفوس الناس عزة الإسلام وتكريمه للإنسان.. كما تنتج أعمالا غير نمطية في الفكر خالية من الوعظ المباشر الذي ألفه الناس دون أن يؤثر فيهم لاستشعارهم أن تلك وظيفة يقوم بها صاحبها فلا تستقر في القلب لعدم انطلاقها من القلب.