الجمهورية
بسيونى الحلوانى
لسنا ضد الدولة.. ولا في مواجهة الشعب
أشعر بالحزن والأسي وأنا أتابع ردود الأفعال الشعبية الغاضبة تجاه الصحفيين ونقابتهم بعد تصعيد المواجهة ضد وزارة الداخلية عقب اقتحامها لمبني النقابة للقبض علي مطلوبين للتحقيق.. والغضب الشعبي الذي أعنيه هنا ليس في الصورة الهمجية المسيئة التي صدرت من بعض المأجورين في محيط نقابة الصحفيين والألفاظ والإشارات القبيحة التي صدرت منهم ضد الصحفيين الذين تجمعوا أمام نقابتهم يوم الاربعاء الماضي.
لكن الغضب الشعبي الذي أعنيه هو ما حملته مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية من إساءات ضد الصحفيين ونقابتهم حيث حملت مواقع السوشيال ميديا انتقادات واهانات للصحفيين مما يعني كسر جدار الثقة بين الشعب المصري وصحافته الحرة التي تقف دائما إلي جانب حقوقه وتتبني همومه وتفتح صفحاتها له لكي يعبر عن آماله وطموحاته وتنحاز دائما إلي جانبه.
لسنا في حاجة إلي تأكيد أننا كصحفيين لسنا ضد الدولة ولن نكون فالغالبية العظمي من الصحفيين المصريين وطنيون شرفاء يدافعون بأقلامهم الوطنية عن تراب الوطن وسمعته وكيانه كما يفعل المقاتلون علي جبهات القتال تماما.. والصحفيون يقدمون تضحيات كثيرة من أجل أن ينالوا شرف الدفاع عن كيان الدولة المصرية بعيدا عن هوية الأنظمة السياسية والأسماء التي تحكم أو تدير.. فمصر هي الرمز الذي يلتف حوله كل الصحفيين المصريين الشرفاء.
كما أننا لسنا في حاجة إلي تأكيد أننا نمثل كل أطياف الشعب المصري وأن مصالح هذا الشعب وحقوقه هي همنا الأكبر. وبالتالي لا نريدت تمييزا عنه في أي أمر من الأمور وراضون بأن تميز علينا فئات كثيرة في المجتمع تحصل علي امتيازات مادية وغير مادية في الوقت الذي نحرم فيه نحن من كثير من حقوقنا وينتمي معظمنا إلي فئة الكادحين من أجل توفير مقومات الحياة الكريمة لأسرهم.
***
لذلك يجب أن يتفهم الجميع أن الأزمة بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية حالة طارئة وستنتهي خلال ساعات وأن الدولة المصرية بكل أجهزتها السيادية والتنفيذية والشعبية لن تستغني عن صحافتها الوطنية التي تقف إلي جانبها في كل الظروف والأحوال وأن العناصر الشاردة في صفوف الأجهزة التنفيذية للدولة أو في صفوف الصحفيين لن تستطيع إفساد العلاقة بين الدولة وصحافتها الوطنية.
ستظل الصحافة تؤدي رسالتها وتدافع عن كيان الدولة وتحمي حقوق الشعب مهما حاول دعاة الوقيعة إفساد العلاقة بين الطرفين.
لذلك ينبغي أن يتحرك كل عقلاء الوطن لتطويق هذه الأزمة الطارئة بسرعة وإفشال مخططات الجماعات والتنظيمات التي تستهدف أمن واستقرار هذا الوطن فالكل يعرف أن عناصر الجماعة الارهابية في كل النقابات يمارسون أبشع صور التحريض والدفع إلي مزيد من التصعيد لكي تنشغل مصر بهذه الأزمة عن التصدي لمشكلات وأزمات أخري أكثر أخمية واكثر إلحاحاً.. ولكي تشوه صورتها في العالم نتيجة أزمة مفتعلة والصحفيون الشرفاء يعون جيدا كيف تركب العناصر المخربة موجة الاحتجاجات وكيف تستغل الأزمات وكيف تضخم الأحداث الصغيرة ولا ينبغي أن نعطي لهم الفرصة لكي يحققوا أهدافهم الرخيصة علي حساب سمعة الصحافة ونقابتهم الوطنية.
***
الصحفيون هم أقل فئات المجتمع من حيث العدد وهم الفئة الوحيدة التي لم تستفد من ثورتي يناير ويونيه بل أضير معظمهم ماديا بسبب الأزمات المالية الطاحنة التي ضربت المؤسسات الصحفية القومية والخاصة ولذلك لا ينبغي تصويرهم بأن علي رأسهم ريشة ولا ينبغي زرع فتيل بينهم وبين الشعب الذي يعملون لخدمته والدفاع عن حقوقه.. ولا أدري من الذي دفع ببعض المأجورين إلي محيط نقابة الصحفيين لكي يستفزوهم ويتحشروا بهم ويوجهوا لهم إساءات سخيفة كالتي شاهدناها في بعض الفضائيات وعلي مواقع التواصل الاجتماعي.. فهؤلاء المأجورون لا يمثلون شعب مصر الذي يقدر دور ورسالة صحافته ويدرك أن الصحفيين المصريين ليسوا ناسا فوق الناس الصحفيون لن يكونوا أبدا في مواجهة ضد الشعب ولن يطلبوا لأنفسهم تمييزا عن خلق الله وهناك بالتأكيد سوء فهم لغضب الصحفيين من دخول مبني نقابتهم دون إذن ودون سابق إنذار وهو الأمر الذي ينبغي أن تعترف الداخلية أنها تسرعت فيه وخانها التوفيق في اتخاذ ما يلزم من تنبيه القائمين علي أمر نقابة الصحفيين وكان بإمكانها أن تتفادي هذه الأزمة لو أخبرت القائمين علي النقابة ودخلت قوات الأمن في صحبة أحد أفراد النيابة كما ينص الدستور.
مصر لا تحتمل أزمات ولا ينبغي شغل المجتمع كله بمشكلة من هذا النوع كما لا ينبغي أن يقف رئيس الحكومة متفرجا ويترك هذه الأزمة تتصاعد دون تدخل حكيم يحفظ للصحفيين كرامتهم ويحافظ علي كيان الحكومة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف