الوطن
د. محمود خليل
السبيل (39)
- مصطفى: حنيفة زنت مع فهمى شقيق الشيخ طارق.

- حنفى: ابنتى لا تفعل ذلك!.

- على: بل فعلت. الإخوة جميعاً يشهدون بمن فيهم الشيخ طارق نفسه!.

- حنفى: وماذا تريدون الآن منها؟!.

- مصطفى: نريد أن نطبق عليها حد الله!.

- حنفى: حد الله!.. ما معنى هذا؟!.

- على: نجلدها مائة جلدة.

- حنفى (بذعر): مائة جلدة!.. يا جماعة حرام!. دعونى أسألها ولو تأكدت من أنها فعلت ذلك سأعاقبها، سأربيها، سأقتلها بيدى.

- مصطفى: تربيها!.. والله لو استطعت تربيتها منذ البداية لما فعلت ذلك الآن!. أين هى يا رجل؟.

- حنفى: والله لا أعلم أين ذهبت!.

- مصطفى: لا تعلم أين ذهبت؟!.. إذن دعنا نساعدك على التذكر. هيا يا إخوة اقلبوا له عربة الفول على الأرض، وخذوا النقود التى معه غنيمة وفيئاً من الله لكم!.

- حنفى (باستعطاف): يا جماعة حرام عليكم. أين أصحاب المروءة ينجدوننى من هؤلاء؟!.

- مصطفى: لا أحد سيغيثك!.. إن الناس تتفرج، ومن يقترب سينال عقابه. وإذا لم تأت بابنتك الفاجرة غداً فسنقطع رجلك من السبيل. وسنأتى بابنتك ولو كانت فى قمقم فى بحر.

- مصطفى إلى (طارق): يا أخ طارق إنك مسئول من الآن عن أخيك فهمى. تحفظ عليه فى المنزل، وإياك أن يهرب منك.

- طارق (باستسلام): حاضر يا جماعة!.. حاضر!.

سرى الخبر فى السبيل كالحريق فى كومة قش!. تناقله الناس فى لحظات. انقسموا ما بين مصدق له، ومكذب يحاول أن يقنع نفسه بالتصديق خوفاً من بطش الجماعة، خصوصاً بعد بلائهم الحسن مع الفلاحين فى المولد وانتهاء الموضوع دون علم أو ربما عدم اهتمام الشرطة. عاش الناس فى السبيل فى حالة إثارة بالغة. جلس كل منهم يتخيل مشهد الجلد. من أين سيأتى الإخوة بالسياط؟!. وهل سيربطون حنيفة وفهمى فى جذع شجرة أو فى عمود نور. إنهم مشتاقون إلى رؤية هذا المشهد الذى لم يروه فى حياتهم، حتى عم عباس لم يحك أبداً أنه رأى هذا المشهد. إنهم يسمعون فقط إن ذلك يحدث فى الأراضى السعودية. من الذى سيقوم بالجلد؟. هل سيخلعون لحنيفة ملابسها أم سيجلدونها وهى ترتديها؟!. لا!.. مؤكد أن الجلد الشرعى يستلزم أن يجردوها من ملابسها!.

كان طارق وسط هذا الخضم تقتله الحيرة. إنه يدعو إلى تطبيق شرع الله ويربى الناس عليه. وحد الزانى الثيب هو الجلد، والمحصن الرجم. فجزاء أخيه الجلد. ولكن هل الواقعة التى ضبطوا فيها فهمى واقعة زنا؟.

- طارق: يا جماعة!.. واقعة الزنا تستدعى وجود شروط: أربعة شهود يشاهدون الواقعة جماعة، وأن يرى الجميع الأصبع فى الخاتم بحيث لا يمر الفتل بينهما. وقد كان الاثنان بملابسهما. نعزّرهما يا جماعة؟.

- مصطفى: نعم يا أخ طارق؟!.. هل ستشترى الضلالة بالهدى لأنه أخوك؟! لقد شهدنا جميعاً الواقعة. شهدنا الفاجر يعتلى الفاجرة، أما ملابسهما فقد كانا ينويان خلعها.

- طارق: يا جماعة نعزّرهما؟.

- مصطفى (بحسم): تعزيرهما عندنا مائة جلدة.

- على: ننتظر رأى الدكتور عادل صلاح ونحكمه فى الأمر.

- مصطفى: الدكتور عادل اختفى منذ أسبوعين على غير عادته. ونحن لا نحكّم الرجال فيما شرع الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف