السيد العزاوى
الكلم الطيب- الإسراء والمعراج ودروس لأهل الإيمان
معجزة الإسراء والمعراج سوف تظل علامة مضيئة تنير الطريق لأهل الإيمان وتجعل المرء المؤمن قوياً في مواجهة الشدائد ولا يضيق صدره حين تحيط به الخطوب من كل جانب. الصبر هو الطريق والأسلوب الأسمي لاجتياز الصعاب. كما أن الصدق قرين الإيمان فالمؤمن يلتزم بالصدق حتي لو أخطأ. "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي مافعلوا وهم يعلمون" ولعله من أهم الدروس التي يستفيد بها كل مسلم من رحلتي الإسراء والمعراج أن العمل الجاد والصبر علي الشدائد طريق الفرج والبوابة الرئيسية للفوز بأكبر الدرجات التي وهبها الله سبحانه وتعالي لعباده الصالحين. هؤلاء تقوي الله والضمير الحي اليقظ لا يفارق وجدانهم "وان مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون".
هذه المكتسبات يستلهمها أهل الإيمان من رحلتي الإسراء والمعراج فعندما عاد الرسول من هاتين الرحلتين وأخذ يقص علي الناس ما شاهده من آيات ربه الكبري وكيف أنه في ليلة واحدة قطع المسافة من مكة إلي المسجد الأقصي. فقد استغرب كثيرون هذا القول من رسول الله صلي الله عليه وسلم وتشككوا ليس فقط وإنما البعض من المسلمين ارتد وتعددت الأقاويل وأخذ البعض يبحث عن الرجل الذي ارتبط بالرسول الكريم ارتباطاً وثيقاً منذ فترات طويلة وهو أبو بكر الصديق وعندما التقوا به وجهوا تساؤلاتهم ومن بينها أن صديقك محمد يزعم أنه أسري به إلي المسجد الأقصي فما هو رأيك؟ وبكل هدوء أجاب قائلاً: إن قال ذلك فقد صدق. أضافوا: كيف؟ قال بهدوء أكثر إنني أصدقه في خبر من السماء فكيف لا أصدقه في رحلة الإسراء. إنه الصادق الأمين. أبو بكر نور الإيمان استقر في قلبه ووجدانه ولذلك صار لقب الصديق ملازماً له علي مدي التاريخ. والدرس الأهم أن الثبات علي المبدأ فمن آمن بما يقوله محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم كان الصدق هو المبدأ الأساسي الذي قاده للانضمام إلي دعوة الحق وتلك هي العقيدة التي أرسي معالمها رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد سئل صلوات الله وسلامه عليه أيكذب المؤمن يا رسول الله؟ قال: لا. نافياً بصفة قاطعة عن المؤمن الكذب لأنه لا يليق بصاحب العقيدة مطلقاً ولذلك انتشر الإسلام في كل أنحاء الدنيا نتيجة التزام المسلم بما رسمه رسول الله صلي الله عليه وسلم مبلغا عن ربه. وهؤلاء الرجال الذين آمنوا برسول الله صلي الله عليه وسلم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ولازمهم في كل تحركاتهم في مختلف البلدان ولن نذهب بعيداً فهؤلاء أبناء المدينة المنورة نور الإيمان اقترن بالصدق وامتلك عليهم وجدانهم وبالتالي فشلت كل الجهود لاثنائهم عن دعوة الحق وقد التحموا مع إخوانهم المهاجرين من أبناء مكة في ملحمة وصفها رب العالمين بالصادقين يقول ربنا في سورة الحشر "للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورسوله أولئك هم الصادقون. والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاؤلئك هم المفلحون" 8. 9 الحشر.
تلك هي ثمار الصدق وكذلك الصبر الذي لازم أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم وكذلك الضمائر الحية اليقظة التي صاحبت صفتي الصدق والصبر لأنهم تعلموا من رسول الله ضرورة السير علي هذا المنهج لا يخافون في الله لومة لائم. وقد نبه القرآن الكريم "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم" آل عمران. من كل ذلك نستخلص دروساً سوف تظل نبراساً لكل الأجيال في كل العصور ويتعلمون منها الكثير من الفضائل ويدركون أن الرسول الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ظل ثابتاً قوياً في مواجهة الشدائد.. صبره كانت تنوء به الجبال لكنه كان قوياً في المواجهة ولذلك كان التكريم الأكبر في رحلة الإسراء والمعراج لنتأمل جيداً أن سيد الخلق صلي الله عليه وسلم حينما اختاره الله لكي يريه الآيات الكبري كان الالتزام يمتلك وجدانه "فما زاغ بصره وما تجاوز الحدود. تلك ثمار الصبر والصدق والثبات علي المبدأ وابتغاء وجه الله وحده ومن يمتلك زمام نفسه ويلتزم بتلك الصفات يكن نور الإيمان هادياً له في مسيرته ولله الأمر من قبل ومن بعد".