محمد أمين المصرى
الوطن..المواطن..المواطنة والحرية
تحاول بعض القيادات الأمنية على مدى العصور وضع معايير المواطنة على هواهم وبالتالى يحددون هم المواطن الصالح من الطالح، وتكون النتيجة سلب حرية المواطن وفقده آدميته وكفر الناس بالمواطنة. ولنا فى معظم أفلامنا السياسية عبرة، فالأمن يعمل لحماية السلطة القائمة، ودائما ما يبحث عن فزاعة لها وكأنه الحارس الأمين على هذا الوطن.. فالبوليس السياسى أيام الملكية اضطهد كل المناضلين، ليتحول هذا الأمن الى حام للعهد الناصرى معتبرا كل مواطن إما إخوانيا أو شيوعيا آنذاك، واستمر الحال فى عهدى السادات ومبارك، وجميعنا يتذكر الشيخ الكفيف الذى قبض عليه بتهمة توزيع منشورات ضد الدولة أثناء قيادته سيارته!
وكان الأمن بكل ما أوتى من قوة أول من تخلى عن واجبه فى 28 يناير 2011 وتقاعس عن حماية النظام، وترك البلاد عرضة لنهب البلطجية وعصابات الإخوان التى استولت على مصر وشهدنا أسوأ أيامنا فى عهدهم فى ظل حماية الأمن لهم أثناء حكمهم.
بعض أجهزة الأمن تصور الوقائع الأخيرة بأن الصحفيين فوق القانون، فى حين أن الأمن يريد دائما أن يكون فوق الدولة والمواطنين والاستعلاء عليهم، فالصحفيون الذين دافعوا عن ضرورة استعادة الشرطة قوتها هم أنفسهم يتعرضون الآن لمعركة شرسة تصورهم كجماعة من المنتفعين، ولجأ الأمن الى طابوره الخامس فى صفوف الصحفيين ليصور هؤلاء الأزمة على غير حقيقتها، فى حين لم تنكر وزارة الداخلية تعديها على حرمة النقابة، فى مسعى خطير لم تدرس عواقبه.
لا ننكر حق الأمن فى القبض على المجرمين والقتلي، ولكن الوضع يختلف فى قضايا الرأي، فى وقت تسعى فيه الداخلية للوقيعة بين الصحفيين والشعب، وتواصل توجيه الاتهامات لجميع الطلبة المعتقلين والصحفيين بتهم «كليشيهات» لا تتغير وتتركز فى محاولة قلب نظام الحكم وتكدير السلم العام، فى حين أن تجاوزات الأمن تكدر السلم العام وتدفع الشعب للانقلاب عليهم. وثمة وقائع أمامنا تشير الى تجاوزات خطيرة فى حق طلبة كتبوا على الفيس بوك يدافعون عما درسوه من حقائق فى كتب التاريخ والجغرافيا، وهم لم يدركوا بحكم حداثة سنهم طبيعة موازين القوى بين الدول وتقلبها بين الحين والآخر، فبأى ذنب اقترفوه هم معتقلون الآن؟
فأن يحيا المواطن بكرامة أفضل لمصر، فالعواقب وخيمة إذا عاش الإنسان منكس الرأس ذليلا فى بلده..ولا يزال يحدونا الأمل، ولعله أفضل الأمور إذا أدركوا عاقبة تصرفاتهم العوجاء.