المساء
محمد جبريل
من المحرر -مكتبة دمنهور العامة
قدم الدكتور محمد سلطان محافظ البحيرة لأولي ندوات مكتبة مصر العامة بدمنهور. بأن المكتبة كانت اختياراً تالياً لقصر ثقافة دمنهور. بعد أن حدد المشرفون ثمانية عشر شهراً لترميم القصر.
استوقفني قول المحافظ إن الاهتمام بمجالات التقدم في الصناعة والزراعة والاقتصاد والرعاية الاجتماعية والصحية. يجب ألا ينسينا الثقافة. لأنها المجال الحقيقي لبناء البشر.
عبرت الملاحظة عن معني يختلف - فيما نتابعه في أداء الأجهزة التنفيذية. وأجهزة الحكم المحلي علي وجه التحديد.. حتي وزارة الشباب والرياضة يكاد يقتصر دورها علي دعم أندية كرة القدم. باعتبار أنها الأندية الأشد خطورة بينما اكتفت بالاهتمام الأقل للألعاب الأخري. وسحبت رعاية الوزارة للأنشطة الثقافية والإبداعية. لا يلغي هذه الحقيقة مهرجان الوزارة السنوي الذي يدعي إليه آلاف الشباب للدخول في مسابقات محورها الابداع في الأجناس الأدبية والفنية المختلفة.. المهرجان تغيب جدواه الحقيقة. ورغم البرامج السطحية التي قدمتها وسائل الإعلام فإن الفائدة التي يتطلبها ما أنفق عليه من أموال. تلامس الأمنيات بأكثر من أن تعبر عن الواقع.
قيمة ملاحظة الدكتور سلطان في تأكيد أهمية العمل الثقافي بما لا يقل عن أهمية البناء والتطوير في مجالات السعي إلي التقدم.
للوزراء تعبيرات ثابتة. أو كليشيهات تأخذ موضع الأولوية في قاموسهم اللغوي: وزير الضمان الاجتماعي يتحدث عن عدالة التوزيع فلا ينعم قطاع صغير من المواطنين بأضعاف ما تحصل عليه القطاعات الأخري. ووزير الصحة يري أن الوقاية خير من العلاج. والأولي - كما تعلم - أن تقي تسلل الأمراض إلي أجسادنا بحيث تقل حالات العرض علي الأطباء. والشرطة في خدمة الشعب شعار يشير إليه وزير الدخلية في بداية توليه المنصب. لكن مسئوليات العمل تنسيه ضرورة تطبيق الشعار. بحيث يصبح مجرد لافتة علي أقسام الشرطة! والأمثلة كثيرة.
إن أول ما يتحدث عنه كل وزير للثقافة. في بدايات حكمه. الباب السحري الذي تمثله الثقافة بمعناها الجماهيري في المجتمع المصري فهي لابد أن تصل - كما ذكرت في أكثر من مناسبة - إلي أبعد وأصغر قرية مصرية.. ساقية الصاوي. أجدها مماثلة - مع اختلاف الجهة المشرفة - عن قصر الثقافة الميزانية تقل كثيرا عن ميزانية هيئة قصور الثقافة. وحجم العمالة لا يجاوز خانة الآحاد مقابلا لعمالة قصور الثقافة التي تبلغ بضعة آلاف.. ساقية الصاوي - في تقدير الكثيرين - هي المعني الحقيقي للخدمة الثقافية.
ظني أن مشكلة الثقافة الجماهيرية - هذه هي التسمية التي أفضلها - هي المركزية التي تفرض سيطرتها علي الأداء. سواء بالحرص علي أن تصدر القرارات من العاصمة أو بالحرص المقابل للعديد من مسئولي الثقافة في الأقاليم علي عدم "الفعل" إلا بعد أن يتسلموا أوامر مكتوبة!
وعندما حاول بعض رؤساء الهيئة أن يتصدوا لهذه المشكلة. زادات الأمور ارتباكاً وبخاصة بعد أن ظل تحرك قيادات الاقاليم - بالنسبة للفروع - في إطار المركزية
العمل الثقافي في الاقاليم يجب ان يتمتع بأكبر قدر من اللامركزية والابتكار والخيال وتفهم ظروف البيئة والتكافل في صورة الأسرة الواحدة.
ربما وجد البعض في المجال الذي تتحرك فيه الساقية مغايرة لأنشطة قصور وبيوت الثقافة بحيث تنتفي المقارنة موضع الساقية تحت كوبري الزمالك. وهو ما قد يفرض عليه محدودية الحركة والعطاء لكنها تطلق - في روادها - روح المبادرة والابتكار والإفادة من المخيلة الإبداعية. أما قصور وبيوت الثقافة في امتداد المدن المصرية فإن كل مشروع يأخذ أسطراً قليلة من المذكرة اللازمة. بينما تشغل بقية الصفحة - في بيروقراطية متفوقة - تنبيهات وملاحظات ورفض وموافقة.. وتبلغ وعلم!
ليت الدكتور محمد سلطان يبقي الأنشطة الثقافية في مكتبة دمنهور العامة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف