استخدام أذرع المسجلات على قوائم الجريمة فى التلويح بإشارات بذيئة وفى التلطيش العشوائى كلما تيسر، الذى ربما يصل إلى القتل فى بعض الأحيان، من أهم الأسلحة الفتاكة التى تستخدمها البروليتاريا الرثة عندما تؤجرها الشرطة للقيام تحت حمايتها بالفتك بخصوم الأنظمة التى تحميها.
البروليتاريا الرثة مصطلح من أدبيات المذهب الماركسى، يُطلق على فئة العمالة غير المدربة التى يفتقر أصحابها إلى امتلاك صنعة يرتزقون منها ويعتمدون فى كسب قوت يومهم على تناثرهم فى الطرقات، لممارسة الجريمة أو لأداء أعمال صغيرة تافهة لا تتطلب أى قدر من المهارة، ويمكن الاستغناء عنها فى سوق عمل منتج منضبط لا يطلبها، ولا يعتمد فى ازدهاره على وجودها.
هذه الفئات تتسع رقعتها ويتزايد حجمها طرديًّا مع غياب العدالة الاجتماعية. فكلما زاد سوء توزيع الثروة، وتعملق الفساد، زادت أعدادها.
تتضح خطورة البروليتاريا الرثة عندما تصل أحوالها المعيشية إلى حد مزرٍ يسهل معه استخدامها مقابل مبالغ مالية زهيدة، بواسطة تحالف السلطة والفساد، كسلاح مخيف همجى لردع أى احتجاج أو حراك ثورى يقوم به فصيل سلمى معارض يسعى لفضح ممارسات النظام الحاكم أو يضعه فى موقف حرج.
هؤلاء البشر البؤساء يمثلون صورة نموذجية للمجرم الضحية، ويتم ظلمهم مرتين. الأولى عندما يهملهم المجتمع الطبقى ويهدر إنسانيتهم ويحرمهم من حقوقهم ويحولهم إلى قطعان بشرية تتكدس فى العشوائيات ولا تحصل على ما يقيم أودها إلا بممارسة الجريمة، والثانية عندما يستخدمهم تحالف السلطة والفساد لكى يقمعوا بأيديهم أى محاولة ثورية تسعى بالأساس لانتشالهم من واقعهم المزرى، وتستهدف إقامة مجتمع أكثر عدلاً سيكونون هم بالقطع أول من يستفيدون منه!
هناك علم جديد يسمى بالفيزياء الاجتماعية، نشأ فى الغرب ليفسر لنا الظواهر والوقائع المتشابكة والتفاعلات الطبقية والعنصرية التى تحدث فى المجتمع، ويشرح المسارات التى يمكن للجماعات البشرية أن تتخذها إذا ما وقعت تحت تأثير قوى متعددة تتداخل وتتفاعل مع بعضها البعض سلبًا وإيجابًا. أهمية هذا العلم الوليد أنه يسعى للوصول لقوانين ثابتة ترتقى بالنظريات التى تفسر سلوك المجموعات البشرية وتخرجه من دائرة العلوم الإنسانية لتصل به إلى يقينية نظريات العلوم الفيزيائية. أتمنى أن يجتذب هذا العلم عقولاً نابهة لدراسته لأننا أحوج ما نكون إلى الاستفادة منه فى فهم واقعنا المزرى الذى يستعصى على التغيير إلى الأفضل.
استخدام البروليتاريا الرثة يقع بلا جدال تحت بند تعامل السلطة مع المواطنين كأنماط يمكن حشدها للرقص والبطش بالمعارضين. ما حدث مرارًا من تجييش الشرطة لمواطنين فقراء مهمشين واستخدامهم كسلاح "للمُدرِّعات والمُدرِّعين" لا عقل له لضرب خصوم النظام، يعد جريمة مخلة بالشرف تجرد السلطة التنفيذية من الاعتبار بل وقد تنزع عنها أهليتها.
عندما أفزعنى منظر ما يحدث على الحواجز الأمنية بجوار نقابة الصحفيين فى حماية الأمن كتبت قائلاً على "الفيسبوك" ما معناه: عندما تقوم الشرطة بحماية البلطجية لإهانة وضرب الصحفيين الداخلين إلى نقابتهم تحت سمع وبصر قياداتها من اللواءات، فإنها تؤكد لنا أنها لم تعد تحتاج فقط إلى إعادة تأهيل، بل إلى البدء معها من كى جى وان. ليس فقط لكى تعود لممارسة دورها فى حماية المواطنين، أيًّا ما كانت انتماءاتهم، ولكن أيضًا لكى تنفى عن نفسها وصمة الهتاف المخجل "الداخلية بلطجية".
هل يمكن حدوث هذا؟ أعد قراءة تعريف البروليتاريا الرثة وأظن أنك ستجيب عن السؤال بنفسك.