سكينة فؤاد
أفراح القمح.. وأوجاع الصحافة!
كان الحزن أكبر من طاقتي.. ولا أعرف إن كان في بقايا العمر العليل مايحتمل الألم من أجل وطن لا يدرك بعض أبنائه حجم المخاطر التي يقودونه إليها, دون حكمة أو رشد سياسي يسقط محاولات من يسعون لإشعال النار في جنباته، وإتاحة تحقيق ما لم تنجح جماعات الكراهية والغدر والتآمر في تحقيقه بأيديهم، ولم يتوقفوا عنه منذ استرد ملايين المصريين ثورتهم في 30/6.
تطبيق القانون ياسادتنا الكرام.. يامن المفروض أن تكونوا أمناء وحفاظا لهذا الوطن كان يقتضي الحوار والتواصل بين الداخلية والصحافة، وإدراك المخاطر التي تملأ المشهد الوطني بدلا من الممارسات المؤسفة التي تهدد بتحويل مصر إلي جماعات ومؤسسات متناحرة ومتصارعة. وياويل مجتمع تظن أي جماعة فيه أنها الأقوي والأقدر والأكبر!! لم يطلب الصحفيون أن يكونوا فوق القانون، ولكن أن يكون القانون فوق الجميع، وأن تكون هناك فطنة ورشد سياسي يجعلان الطريق الصحيح والتناول السليم لا يضيع منا في إدارة أزماتنا، وبما يحفظ الاحترام للجميع.
جزء من الفروض الوطنية لإدارة الأزمات الحساب الدقيق للنتائج المترتبة وكيفية تلافي الأخطاء والسلبيات، والحصول علي ثقة ودعم المجتمع، وأن تتم في إطار قراءة حكيمة لمجمل المشهد الوطني، وما يحيط به من معطيات وتحديات، وفي إطار سلامة تطبيق القانون واحترام مؤسسات المجتمع وكياناته المختلفة، وبما يوحد صفوفه في مواجهة الأخطار، وبما يجعل تكاملها وتواصلها هو أساس العلاقة بينها لصالح الوطن كله. لا لصالح جماعة بعينها وإذا وقع خطأ أن تكون هناك مبادرات عاجلة وشجاعة للاعتراف والاعتذار ومحاسبة المسئولين، وألا يكون هناك أحد فوق القانون أو فوق الشرعية الدستورية، وإن لم تفعل هذا مؤسسات الدولة المنوط بها حفظ أمن واستقرار المجتمع كوزارة الداخلية فمن يفعل؟! ومع الجماعة الصحفية بتاريخ وطن يجب أن يحترم، وأن يصان، وأن يتجلي هذا التاريخ في مثل هذه اللحظات المصيرية ابتداء بالتوقف عن التصعيد.المخاطر التي تحيط بالوطن والترصد والمخططات الخارجية والداخلية لكسر إرادة شعبه تحتاج من الداخلية إلي ممارسات لا تندفع بالمخاوف أو بالغضب إلي تجاوزات، وأن تمارس مهماتها الأمنية في إطار القانون بمنتهي الكفاءة والقدرة علي تأمين والتئام الجماعة المصرية بمختلف تكويناتها الوطنية، والقدرة علي الانضباط، أيضا مطلوب من الجماعة الصحفية وهي تحفظ كرامة المهنة والرسالة، ألا تنسي دورها ومسئولياتها الوطنية، وألا تسمح بما يزيد التوتر والغضب اشتعالا ومعالجة ماحدث بحكمة تليق بأدوارها وتاريخها الوطني وألا تسمح باستغلال الخلاف لمزيد من حلقات الإدانة والتشويهات المتعمدة لكل مايحدث في مصر الآن!!
ملايين من المصريين تكتوي بنيران ظروفها البالغة الصعوبة وحرمان طال وجبال مشكلات تدفن تحتها وتتطلع إلي بدايات لتخفيف هذه الظروف في ظل استقرار بلدها وحل مشكلاتها، وفي مقدمتها الإفقار والأمية والمرض والبطالة وما تفجر خلال الأسابيع الأخيرة من هجرة غير شرعية لجماعات من أطفالنا وشبابنا الصغير.. والضياع والموت في أثناء محاولاتهم اليائسة للبحث عن فرص حياة بعيدا عن قراهم ونجوعهم التي نسيت وأهملت وحرمت جميع مقومات الحياة الآدمية من عشرات السنين!! كيف نجمع قوانا ومؤسساتنا من خلال تبادل الاحترام وتحت مظلة القانون والشرعية الدستورية لنتصدي مجتمعين لا متصارعين للهموم الأثقل والتحديات الأكبر.. كيف نمنع خلايا الاتجار بالدم وبالوطن النائمة من تنفيذ مخططاتها. يجب أن نتدارس ونحلل جيدا الصدام الذي أريد إحداثه بين الدولة والصحافة.. ولن يتحقق كل هذا إلا بأن يكون القانون فوق الجميع وأن يعتذر من أخطأ عن خطئه ويحاسب عليه وأن يتأكد أن محاربة الإرهاب لاتبرر أي انتهاك للحريات وعدم السماح بممارسات تنتهك كرامة الوطن.بمختلف مؤسساته وتنتهك الإنجاز العظيم للمصريين في 25 يناير و30/6، والذي كانت الكرامة الانسانية في مقدمة استحقاقاته.
فلنوقف هذا الصدام وتعترف الداخلية بالخطأ الذي شاب تنفيذها القانون وتعلن محاسبة المخطئ، ولتوقف نقابة الصحفيين التصعيد فلا أحد يستطيع أن ينتقص من تاريخ الصحافة دفاعا عن الحريات.. تاريخ كتب علي جدران الوجدان المصري، ولنحترم هذا الوجدان حتي لايزداد غضبا ولنمضي جميعا وراء بوصلة إنقاذ وطن، وأن تكون القاعدة الأساسية تبادل جميع مؤسساته الاحترام وتطبيق القانون بالرشد السياسي الذي لا يسمح بتفجير أزمات تحقق لأصحاب مخططات الغدر والعداوة والكراهية أهدافهم الآثمة.
تتبقي نقطة مهمة، الأزمة انتقلت إلي جموع المصريين الخائفين علي بلدهم، الرافضين لأي صراع أو خلاف يتهدد أمنها ووحدة صفها، ويتطلعون لأن يجدوا بين جموع الصحفيين دورا وطنيا حاميا يستكمله دور وممارسات للمؤسسة الشرطيه تؤكد عقيدتها الوطنية وانتماءها وإدراكها أنها يجب أن تستقوي برضاء واطمئنان وثقة الشعب، وتمارس مسئولياتها الأمنية وأدوارها المهمة والتي دفعت دماء شهيدة زكية لتؤديها مجمل ما يستعيد ويعمق التلاحم والاحترام بينها وبين الشعب وصحافته.
لم أتصور وسط مشاعر الألم أن تتفجر طاقات الفرحة والسعادة بهذا القدر الذي عشته مع إعطاء الرئيس عبدالفتاح السيسي إشارة بدء أول حصاد في مشروع المليون ونصف المليون فدان بمنطقة الفرافرة بالوادي الجديد. ما أكثر ما دعوت الله بألا أرحل عن الدنيا قبل أن أري بعيني بدايات جادة تحميها إرادة وطنية صادقة وأمينة لتحقيق الحلم والأمل الذي أعطيته أهم سنوات من عمر قلمي وكتاباتي علي صفحات «الأهرام» حلم وأمل الاكتفاء الذاتي من محاصيلنا الاستراتيجية ـ وأهمها القمح ـ ووضع نهاية لعار قومي ظل يتمثل في الاستسلام لمخططات التبعية التي كان رغيف العيش من أهم وأخطر أسلحتها وأن يستقر الحلم والأمل بين أيدي قيادة تملك الإرادة الوطنية والإدارة الحازمة التي لا تسمح لكل من سبقوا ودمروا ما لا أول له ولا آخر من محاولات مخلصة ومشروعات رائعة وقدموا أبحاثا وتطبيقات ميدانية في إطار خبراء وعلماء مركز الابحاث الزراعية ومراكز البحوث وكليات الزراعة بجميع جامعاتنا. لقد ارتكب من الجرائم ضد الأرض والفلاح والزراعة ما يجعل مستحيلا أن نقترب من حدود الاكتفاء، وأن نأكل من زرع أرضنا وبأيدي فلاحينا وأن نستعيد زهو وعزة الاكتفاء والاستغناء، وإنهاء تبعية الأمن الحيوي والغذاء المصري، وأن يتمدد الخير والزرع في وسع صحارينا وأن نفجر ونطلق الإمكانات الهائلة التي وهبها الله لهذه الأرض الطيبة، وفي إطار مشروع قومي يتلافي جميع أسباب النكسات التي مرت بها محاولات مشابهة للخروج إلي وسع صحارينا وتوفير ضمانات الاستمرارية وتمليك المهارات والخبرات ووسائل حماية المشروع ونموه واتساعه إلي اجيال جديدة من الشباب والفلاحين، وتحويلهم بشروط ميسرة إلي ملاك للمشروع من خلال أطر قانونية قوية تمنع ما شاهدناه من تدمير لكثير من مشروعات القري ومزارع سمكية للخريجين.الصور التي لا تكذب تنطق بما يحدث من إنجازات عظيمة في مدي زمني يبدو مستحيلا إلا لمن امتلك طاقات الإيمان والحب والإخلاص التي يؤدي بها أبطالنا من أبناء جيشنا مهماتهم القتالية علي خطوط البناء والتعمير، إلي جانب جموع من الفلاح ومن أبناء سيناء... علي مدد الشوف والرؤية تمتد موجات البحر الذهبي من سنابل القمح. أغلي ذهب منحه الخالق عز وجل للمصريين، وحرمهم من حرمهم لعنة الله عليهم جميعا.. شلالات القمح الذهبي وهي تتموج وتبرق تحت شمس الفرافرة الساطعة تستعيد لي مشوار الحلم والأمل وكيف سعيت وقاتلت بالقلم من أجل تحقيقه وكيف تمت مطاردتي وإيقافي عن الكتابة قبل الثورة ـ وعودتي للحياة أو للكتابة بعد الثورة ـ وسعي بالحلم والأمل لدي كل مسئول التقيته، وكل مركز لصناعة القرار اقتربت منه خاصة في الفترة الانتقالية التي شرفت فيها بالعمل مستشارة بين مستشاري المستشار الجليل عدلي منصور، وكيف دعم جميع المحاولات والأوراق التي تقدمت بها.. وكالعادة كانت تذهب إلي المسئولين بوزارة الزراعة لتختفي في متاهاتها أو ليتم وأدها بوعود لاتتجاوز التوقيعات!!وفي صباح مشرق بالأمل وبشمس مصر الساطعة الخميس 5 مايو 2016 ومع قيادة وطنية أمينة ومؤتمنة تعرف جيدا مالدي مصر من إمكانات وثروات طبيعية وبشرية وما مرت به قصة زراعة القمح والاكتفاء الذاتي من حروب ومؤامرات، وما يجب أن يتوافر من مظلات تأمين وحماية المشروع القومي الضخم رأيت بدايات حقيقية لتحقيق الحلم والأمل ـ وبمشيئة الله للسطور بقية.