الأهرام
عبد الفتاح البطة
بداية الفوضي
يقول العالمون ببواطن الأمور في الشرق الأوسط وخاصة في منطقتنا العربية إن ما يحدث علي السطح وما يظهر عليه من أقوال وأفعال وآراء ليست بالضرورة هي الواقع الذي يُعبر حقا عما يجري ، وأن ما يُقال خلف الأبواب المُغلقة ، وأن ما يقوله من لا يظهرون غالبا علي سطح الأحداث وخاصة أجهزة المخابرات هو المُعبر الحقيقي عن تطورات الأحداث.
ومن الأفكار الخاطئة السائدة في منطقتنا أن المخابرات الأمريكية ( سي أي إيه ) هي الأكثر كفاءة وقدرة علي معرفة والتأثير فيما يجري بالمنطقة ، ولكن الحقيقة أن المخابرات البريطانية ورثت عن الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس نفس الدور المؤثر والمتغلغل في المنطقة ، ومعرفة مفاتيح من يُحركون الأحداث ومن يُؤثرون فيها حقا ، وليس بالخطب العنترية والكلام البارد في الفضائيات والنجومية المصنوعة التي لا تثبت في أي اختبار حقيقي .

ولما كان الأمر كذلك ، فإن ما يصدر عن المسئولين البريطانيين المهمين سواء كانوا في الخدمة أوخارجها يجب أن يُفحص ويُمحص لمعرفة هؤلاء بحقيقة ما يجري بعيدا عن تشويش الفضائيات والآراء الكثيرة التي تصيب العقل في نهاية المطاف بالعمي عن رؤية الأشياء والحكم عليها علي حقيقتها.

وقد كتب ويليام هيج وزير الخارجية البريطاني الأسبق مقالا مؤخرا في صحيفة «الديلي تلجراف» البريطانية حول التطورات الجارية في الشرق الأوسط فيه الكثير من التعبير عن الواقع وما يُخطط للمنطقة – أو بالأحرى - ما خُطط لها ويجري تنفيذه علي مهل سواء بأيدينا أو بأيدي غيرنا ، بمعرفتنا وإدراكنا ، أو بدون معرفتنا وفي غيبة بصيرتنا .

وبعبارات لا تخلو من دلالات ومضامين وتفسر كثيرا مما يحدث ، قال الرجل إن الفوضى في منطقة الشرق الأوسط ما زالت في بدايتها ،مشيرا إلى عدة عوامل ستؤججها مثل تزايد الكراهية الدينية ،والانهيار الاقتصادي وزيادة نسبة الشباب وصغار السن في هذه المجتمعات ، علاوة على ضعف الحكومات.

ولأن دور الغرب كبير في الأحداث ولأن دوره سيزداد في قابل الأيام خاصة في سوريا والعراق وليبيا وغيرهم ، يقول : «لا نستطيع أن ندير ظهورنا للفوضى في الشرق الأوسط». ويتذكر تجربته الشخصية خلال عمله وزيرا للخارجية بالقول إنه لا يستطيع ولا يظن أنه سيستطيع أن ينسى بعض المشاهد التي رآها، وأحد هذه المشاهد هو وجوه الثوار على نظام العقيد القذافي في مدينة بنغازي عام 2011. ويُوضح : "كانت الوجوه تحمل تعبيرات تمثل خليطا من الأمل في المستقبل ،والخوف من استمرار المعارك والعرفان للغرب لمساعدته لهم والغضب أيضا على نظام القذافي وقمعه.ولكن بعد خمس سنوات من تلك اللحظة ها هي القوات البرية البريطانية تستعد للتوجه إلى ليبيا بهدف تدريب القوات التابعة للحكومة الجديدة التى ما زالت ضعيفة"
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف