لا ألوم من يدعو إلي مقاطعة شراء الصحف في ضوء اللغط الدائر في أزمة مفتعلة لم تكن تنقصنا في وقت نخوض فيه معركة وجود. وأتفهم كأحد أفراد مهنة الصحافة ما استشعره الصحفيون وأنا منهم، من انزعاج إزاء ما ذكر عن «اقتحام» نقابة الصحفيين لتنفيذ قرار ضبط وإحضار لمتهمين لاذا بالنقابة. لكن يبدو أن الأمر واقعيا مختلف ولا يستحق رد الفعل المشحون الذي يجري تضخيمه يوميا دون أن نعرف المدي الذي يأخذنا إليه. كان للأزمة تفاعلات دولية لأنه تم تصديرها علي أنها انتهاك لحرية الرأي في مصر، بينما المسألة تتعلق بتنفيذ القانون . المفترض أن الصحفيين والإعلاميين يتمتعون بالاستنارة والتفكير الموضوعي ،لكن يبدو أن البعض يوظف مهارته لنشر الشقاق والتهييج بدلا من محاولة تخطي الخلاف وتقريب وجهات النظر.وفي مشهد أزمة نقابة الصحفيين يبدو أن هناك من يحاول عرقلة إجراء حوار لحل المشكلة. في ألمانيا تخطي إعلامي في برنامجه الساخر بالتليفزيون حدود اللياقة والأدب بحق الرئيس التركي إردوغان، الذي تقدم بطلب للحكومة الألمانية لمحاكمة الإعلامي بسبب تلك الإهانة. ورغم أن حرية التعبير مكفولة بالدستور فإن قانون العقوبات الألماني في مادته 103 ينص صراحة علي تجريم إهانة الرؤساء الأجانب، أو أعضاء الحكومات أو الممثلين الدبلوماسيين سواء داخل ألمانيا أو خارجها وذلك بعقوبة الحبس لمدة تصل 3 سنوات أو الغرامة المالية.لم يقل أحد أن ألمانيا تنتهك حرية الرأي،بل هي تطبق القانون. في مصر تفجرت أزمة نقابة الصحفيين ليس بسبب انتقاص حرية التعبير ،إنما حين تم تطبيق القانون!
أظن الكثير من الوقت أهدر في تصعيد الموقف، وآن أوان الخروج من الأزمة بأسرع وقت، فمراجعة النفس خير من التمادي في التصادم والتصعيد حتي تصل الأمور لنقطة لا يوجد عندها مخرج، ولذا وجب تصحيح المسار ،وهو ما يحاوله الصحفيون اليوم من خلال لقاء يعقدونه بالأهرام ليتواصل سير القافلة .