عندما كانت الجزيرة تقدم برنامجها الإتجاه المعاكس كنا نرى أنها تقدم نموذجاً متطوراً للمناظرات التى لم تكن نراها إلا فى إنتخابات الرئاسة الأمريكية ورويداً رويداً بدأنا نرى حرباً إعلامية بين فريقين كل منهما متعصب لرأيه ثم تطورت هذه الحرب اللفظية والكلامية إلى التراشق بالأحذبة والعراك بالأيدى وكنا ننظر إلى هذه المناظرات على إعتبار أنها حرية التعبير دون سقف لكن إتضح لنا فى نهاية الأمر أن الجزيرة هى منبر الحرية خارج دولة قطر، وأنها النموذج الذى يحب أن يحتذى فى العالم العربى..
ومن هنا بدأت الفضائيات المصرية والعربية تحاكى هذا المنبر الإعلامى لكن لم يدرك القائمون على هذه الفضائيات النوايا الخبيثة لهذه القناة التى كانت إحدى أدوات إعادة تقسيم المنطقة طبقاُ لخطط بيرناردلويس وتصريحات هنرى كينسجر فى فبراير 1974 بأن حرب أكتوبر تشرين هى أخر الحروب بين العرب وإسرائيل وأن الحروب القادمة ستكون مذهبية بين الدول العربية ثم جاءت كونديزا رايس مستشارة الأمن القومى لتقدم لنا مصطلحاً جديداً هو الفوضى الخلاقة ومرت سنوات ونحن لا نفكر إلا فى كيفية تقليد الجزيرة حتى سقطت العراق ولبيبا واليمن ومن قبلهم تم تقسيم السوادن وأصبحت الصومال لا دولة فضلاً عن الخلافات بين الجزائر والمغرب بخصوص دولة الصحراء وجبهة البوليساريو، وكذلك الخلافات بين الإمارات الشقيقة وإيران حول جزر طنبو وأيوموسى..
ومع هبوب رياح الربيع التى أتت بالكثير من السلبيات إلا إننا فى كل هذا لم نعى الدرس ولا أقل المؤامرة لأنه أصبح مصطلحاً مكرراً لكن الإعلام المصري يساهم بشكل كبير سواء بدون قصد أو عن جهل البعض أو لغياب الرؤية فأنهم يساهمون بشكل كبير فى أحداث البلبلة داخل المجتمع فالبعض لديه طاقم من المداخلات والضيوف جاهز ولا يمكن لأى شخص خارج هذه الزمرة الوصول إلى مقدم البرنامج ليدلى برأيه لأن المطلوب ضيوف ومداخلات لتسخين الحلقة لجب أكبر قدر من الإعلانات وهذا على حساب الوطن وإستقراره وأصبح مغظم هؤلاء يرقصون على جثة الوطن فى سبيل إرتفاع أسهمهم لدى مالك القناة وبذلك يفرضوا شروطهم المالية الكبيرة من خلال عقد جديد قبل توقيع المذيع المولعاتى لقناة أخرى منافسة.
أنا لا أتهم أحداً بعمالة أو خيانة ولا أقوم بتوزيع صكوك الوطنية على مجموعة أخرى من الإعلاميين لكنى أقول لهم انتبهوا رحمة بمصر وشعبها الطيب الذى لن يغفر لكم ما تفعلونه سواء بحسن نية أو عن قصد حتى لا تكونوا فى الإتجاه المعاكس لمصر.