الرأى للشعب
محمد يوسف العزيزى
الرئيس والقضاء والبرلمان..

في كلمته للقضاء في يوم عيدهم .. أكد الرئيس السيسي أنه ينأي بنفسه والمسئولين عن أية شبهة للتأثير علي أحكام القضاء مشيرا إلي التزامه الكامل عن إيمان ويقين بالدستور.

كلام طيب وصحيح لا غبار عليه ، ويجب أن يتمسك به الرئيس ويلتزم به كما قال وأكد في كل مرة وهو يؤسس لدولة القانون .. لكننا تابعنا جميعا مطالبات من الشعب الذي اكتوي - وما زال يكتوي - بنار الإرهاب وبأفعال الجماعة الإرهابية التي تقرر القتل فتصدر الحكم وتنفذ في لحظات ما تقرره وتصدره من أحكام.

الرئيس يلتزم بالدستور وبضرورة الفصل بين السلطات حتى تتمكن كل سلطة من تأدية دورها بكل تجرد وحيادية ومراعاة لمصلحة الوطن العليا والشعب اللذان يقسم علي رعايتهما رعاية كاملة ، ويحافظ علي سلامتهما من كل اعتداء.

ليس مطلوبا من الرئيس أن يتدخل للتأثير علي القضاء ولا يجرؤ أحد أن يطلب ذلك منه لأسباب كثيرة منها أنه يحترم نفسه وتاريخه وشرفه العسكري والقسم الذي أقسمه وهو يتحمل المسئولية ، لكن وفي ذات الوقت مطلوب من الرئيس أن يوجه الحكومة دائما أن تعد مشروعا لتعديل بعض القوانين التي تشكل عقبة في طريق تحقيق العدالة الناجزة والمساواة ، وأظن أن الرئيس وجه بهذا الأمر أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة لكن شيئا لم يحدث حتى الآن.

الرئيس قال أيضا في كلمته (الدستور المصري يؤسس لدولة القانون القائمة علي العدل والمساواة حيث جعل الدستور من المواطنة أساسا متينا لتعامل الدولة مع أبنائها .. فالجميع سواء أمام القانون).

العدل في دولة القانون يعني عودة الحق لصاحبه في أقرب وقت ، ويعني سرعة القصاص من القاتل – الذي أهدر دم قتيله في لمح البصر – في أسرع وقت ، ويعني تنفيذ الأحكام التي صدرت في حق الجناة في أسرع وقت كما قتلوا الأبرياء في أسرع وقت ، ويعني احترام حجية الأحكام القضائية وعدم النظر إليها باعتبارها حبرا علي ورق ، ويعني إشاعة حالة حقيقية من الرضا والأمان عند الناس تجاه منظومة العدل ، ويعني مد وتقوية جسور الثقة بين المتقاضين والقضاء.

والمساواة في دولة القانون تعني أن الجميع أمامه سواء بعيدا عن الفقر والغني والجاه والسلطان وأصحاب النفوذ، والمساواة تعني انصياع المسئول مهما علا شأنه وارتفع منصبه للوقوف أمام جهات التحقيق سواء كان في الأمر اتهام أو طلب شهادة !

الإحساس بالعدل والمساواة كما يؤسس لهما الدستور في دولة القانون هما الضمانة الأهم والسياج الواقي ضد كل أمراض هذا الزمن الرديء الذي مات فيه الضمير وتدهورت فيه الأخلاق وتراجعت فيه القيم والمثل وتشوهت فيه الشخصية المصرية .. فأصبح الخروج علي القانون حرية ، والتمرد علي العادات المصرية الأصيلة عصرية وثورة علي التخلف والرجعية.

لا ينكر أحد أن منظومة العدالة تحتاج إلي مراجعة وتطوير تشريعي يواجه متطلبات هذه الفترة الحرجة ويساير الجرائم الجديدة التي ظهرت في المجتمعات .. فالقاضي لا يحكم إلا من خلال قوانين آن أوان تعديلها لتحقق العدل والمساواة وتحقق الردع.

هل يمكن أن يهدأ مجتمع وفيه حقوق ضائعة أو تائهة لسنوات بسبب القانون ؟ هل يمكن أن تندمل جراح أهالي الضحايا وتبرأ جروح المصابين بعاهات في ظل قانون يسمح بمحاكمة القاتل مرات عديدة في ذات القضية لسنوات ؟ إذا كان هذا يتم بالقانون فهل هذا القانون جاء بوحي من السماء ولا يمكن تعديله أو تغييره ؟

البرلمان هو الممثل الشرعي للشعب وعليه واجب يجب أن يؤديه ، وله دور يجب أن يمارسه ، وعنده مسئولية يجب أن يتحملها ويسارع بتعديل القوانين والتشريعات التي تعطل سير العدالة وإنجاز الأحكام ، وعليه أن يستحث الحكومة بالإسراع بتقديم مشروعات القوانين التي تحقق هذا الهدف ، ويقدم هو مقترحات القوانين إلي لجنة المقترحات بالمجلس إذا تأخرت الحكومة.

القضية أخطر من أن نتركها ونتحدث عنها في المناسبات فقط إذا كنا جادين في السعي لتحقيق دولة القانون ، وإلا سيظل الدستور حبرا علي ورق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف