الرأى للشعب
علاء لطفى
عاصمـة الجـريمـة


لم يعد سراً أن "لندن" تحولت في السنوات العشر الأخيرة الى عاصمة للجريمة المنظمة في اتجاه واحد فقط وهو الزائرين العرب .. ليس في الأمر تهويلاً للجريمة "النازية" الأخيرة بحق الطالب المصري شريف عادل حبيب المقتول حرقاً في لندن ، لكنها عنوان الحقيقة التى طالما أنكرها البعض وتعامى عنها لاعتبارات سياسية مضللة.. والحقيقة أن الاتهام لم يأتى هذه المرة من أى من العواصم العربية لكنه جاء من داخل أوروبا نفسها وتحديدا من موسكو التى وجهت منذ ساعات اتهامات صريحة الى "عاصمة الضباب" بالتستر على إرهابيين يمولون تنظيم داعش المتطرف الذي يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا .. وواقع الأمر أن هناك عملية جنائية شديدة الانتظام تجرى منذ سنوات ، وترتبط في المقام الأول بالتدهور الأمنى داخل بريطانيا نتيجة الاصرار على ايواء عصابات الفارين من أوطانهم تحت ستار اللجوء السياسي ، الأمر الذى خلق على مدى الزمن "مافيا" شديدة التنظيم وشديدة الشراسة يستحيل مواجهتها بالقانون والقضاء عليها ، وأصبح مع مرور الوقت لا مفر من مشاركتها القرار السياسي وإدارة شؤون البلاد والتحكم في مسارات علاقاتها بالخارج والداخل ، فالدولة البريطانية سقطت تدريجياً في قبضة عصابات الجريمة المنظمة التى صنعتها أجهزتها لإدارتها والتحكم بها للتلاعب بالآخرين ، فإذا بها تسقط أسيرة لها.

عشرات الفارين من العدالة من شتى بقاع الأرض طلقاء أحرار ، يديرون اللعبة الكبري للإرهاب وغسيل الأموال من فوق الأراضي البريطانية ، وتحت سمع وبصر أجهزتها المخابراتية العريقة ، ما جعلها تستبق الجميع في ملف التحقيقات الدائرة حول سقوط الطائرة الروسية في شرم الشيخ وتسارع بتوجيه الاتهامات قبل أصحاب الشأن ، وكأن الأمر ينطوى على شراكة وإدارة وليس مجرد تفوق استخباراتي.

لكن عندما تسيل الدماء المصرية فوق الأراضي البريطانية تسارع أذرعها الإعلامية داخل مصر وفي العالم العربي باستماتة مريبة لتصوير الجريمة بأنها سياسية وليست جنائية للابتعاد بالصورة الذهنية للرأى العام العالمي عن تضخيم التداعيات الاقتصادية لتلك الجرائم وتأثيرها على التدفقات السياحية الى لندن في وقت الذروة الصيفية المقبل.

بينما الأمر في حقيقته استهداف جنائي تكرر عشرات المرات في حوادث متكررة لكثير من السائحين العرب ، وجميعها حوادث أقدم عليها مواطنون بريطانيون وليس مهاجرون من بلاد ما وراء البحار .. ففي أبريل من عام 2014 تلقت الشقيقات الإماراتيات الثلاث 30 ضربة بالمطرقة في غرفتهم بفندق "كمبرلاند" في وسط العاصمة البريطانية لندن ، وكان الجاني يضرب ويسأل عن النقود ، وهو يعرف أن الضرب بهذه الوحشية سيسبب الوفاة حسب رواية الضحايا الثلاث أمام جهات التحقيق.

والأمر الغريب أن حادثة الاعتداء على الإماراتيات الثلاث لم تكن الأخيرة في لندن، حيث وقعت بعدها مباشرة حادثة غريبة من نوع آخر، تعرض فيها مواطن إماراتي لحادث سطو مسلح وهو في شقته مع زوجته في أحد أحياء لندن بعد أن داهمته عصابة مكونة من سبعة أشخاص من الملثمين خلعوا عليه باب الشقة وكانوا يحملون مطارق وسكاكين ومسدسات وقاموا بتهديده وزوجته وحاولوا إطلاق النيران على الزوج ، من أجل الاستيلاء على ما لديهم من أموال ومجوهرات.

وفي منتصف يونيو من نفس العام قتلت الطالبة السعودية ناهد المانع المبتعثة لدراسة الدكتوراه بجامعة "إسيكس" في مدينة "كولشيستر" الواقعة في بريطانيا ، وهي تمشي في أحد الشوارع الواقعة بالمدينة في طريقها إلى الجامعة ، ووجدت وهي تنزف حتى الموت بعدما تلقت 16 طعنة.

ذاكرة التاريخ وحدها تسجل بدقة التطور التاريخي للجريمة المنظمة في لندن .. وشرفاتها تروى السقوط المنتظم لعشرات الشخصيات المصرية .. لكن وحدها موسكو جرؤت على قول الحقيقة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف