حسن علام
عندي كلام .. محمد عبدالحميد
تُسقط الأيام شواهدها، وتنسحب الذاكرة لتعود إلي الوراء أربعين عاما بالتمام والكمال، عندما دخلت «آخر ساعة» عام 1976، وكان يكبرني بحوالي عشرين عاما، فهو من الجيل الأول الذي عاصر عمالقة الصحافة خاصة الراحلين الكبيرين مصطفي وعلي أمين، ولكنني لم أجده بين صفوف جيله القدامي، كان في إجازة بدون مرتب من مؤسسة «أخبار اليوم» ليعمل في جريدة السياسة الكويتية وأصبح الذراع اليمني لصاحبها أحمد الجار الله لخبرته وكفاءته ودماثة خلقه، واستمر معه حوالي 15 عاما عاد بعدها إلي بيته وموطنه الأصلي ليتولي مسئولية القسم الإخباري بالمجلة كنائب لرئيس التحرير الكاتب الكبير الراحل وجدي قنديل، ثم استمر في موقعه مع ثلاثة رؤساء تحرير بعد ذلك إلي أن خرج بحكم طبيعة الأشياء والسن، ولأنه كان محبا للمهنة، فقد تفرغ للتأليف وإعداد الكتب وقدم للمكتبة العربية مؤلفات عديدة، وانضم إلي المجالس القومية المتخصصة ليشارك في إعداد دراسات وبحوث قيمة لتنمية المجتمع، وقبل ذلك أشرف علي إصدار مجلة لمجلس الشعب أيام الدكتور فتحي سرور.
كان رجلا طيب القلب، وشخصية غير تصادمية مع كل من عمل معه سواء كان رئيسا أو مرؤوسا متمسكا بالحياة حتي نهاية رحلة خريف العمر والشيخوخة، أكولا ومتذوقا جيدا للطعام، انسحب بهدوء وفي جعبته الكثير من أفكار وعناوين الكتب التي كان ينوي تأليفها وأطلعني عليها قبل رحيله «تليفونيا»، لكن إرادة الله كانت أسبق، رحم الله أستاذنا محمد عبد الحميد وألهم ذويه الصبر والسلوان، وهكذا ينفرط العقد حسب مشيئة الأقدار وكلنا إلي ربنا راجعون.