البديل
محمد سعد عبد الحفيظ
العار و«العرر» في معركة الصحفيين
والعار، هو ما أقدم عليه بلطجية النظام القمعي باقتحام قلعة الحريات؛ لاعتقال صديقي عمرو بدر ومحمود السقا، بدعوى صدور قرار ضبط وإحضار من النيابة العامة بشأنهما، فى سابقة لم تحدث منذ تأسيس نقابة الصحفيين قبل 75 عاما، والعار أيضا هو الزج بمؤسسات من المفترض أن يلجأ إليها الشعب لرفع المظالم عنه فى معركة صنعت فى غرف الأجهزة المظلمة.


أما العرر ــ جمع عرة ــ فهم أقذر القوم وأوسخهم، وفي بلادنا يقولون لـ«التافه الهايف اللي باع ناسه جاب لأهله العار»، بمعنى ألحق بهم الخزي وأنزل من شأنهم وسط الناس، وهؤلاء وللأسف يمثلون نفرا ليس قليلاً بين أبناء مهنتنا.

هؤلاء «العرر» بدلاً من أن يدافعوا عن كرامة نقابتهم بعد فضيحة الاقتحام، خرجوا على شاشات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، ليبرروا لأسيادهم فى الأجهزة الجريمة، التي لم تأتِ بها أعتى الأنظمة الاستبدادية.

أحدهم سارع بإلصاق تهم العمالة بزميليه، وهو يعلم أنهما أشرف وأشجع منه، لم يكتفِ بذلك، لكنه وضع النقيب ومجلس النقابة فى موقع المتستر على مجرم لم تثبت إدانته بعد، وهم جميعا يعلمون أن محضر التحريات أعده ضابط جهول اعتاد تلفيق التهم لخلق الله، وفتح درج مكتبه، وأخرج منه قائمة التهم المعلبة «نشر أخبار وشائعات كاذبة، التحريض على التظاهر والاشتباك مع قوات الشرطة وأفراد القوات المسلحة، والاعتداء على المنشآت العامة والحيوية ومهاجمة الأقسام، وحيازة أسلحة نارية وقنابل مولوتوف ومطبوعات ومنشورات تحريضية».

التهم بين القوسين، التي تضمنها محضر تحريات الأمن الوطني، تتطابق مع التهم التي يتم إلصاقها لكل من يقبض عليه من جماعة الإخوان وحلفائهم، وللأسف كلنا وقعنا فى خطيئة نشرها دون تصرف على مدى العامين الماضيين، وأثبتت أحكام محكمة النقض أنها تهم «مضروبة»، لكن خصومة بعضنا مع الجماعة، وخوف بعضنا من قبضة النظام الحديدية، ونوم البعض الآخر فى أحضان الأجهزة الأمنية، جعلتنا نسود صفحات جرائدنا بهذا الهراء، بالطبع عدد ليس بقليل من أعضاء الجماعة تورط فى العنف وحمل السلاح ضد الدولة والمجتمع، وبالقطع الإخوان وحلفاؤهم من جماعات خلط الدين بالسياسة هم أحد الأسباب الرئيسية في النكسة، التى تمر بها البلاد، لكن هل ذلك يكفي لغض بعضنا الطرف عن تجاوزات الشرطة، التى وصل بعضها إلى حد التصفية خارج القانون لعناصر جماعات «أهل الشر»، ولسان حالنا «إحنا مالنا.. خلينا ماشيين جنب الحايط.. ما دام النار بعيدة عننا خلاص»، حتى وصلت النار إلى بيتنا وتم ضربنا بنفس العيار، وكالت لنا أجهزة الأمن ذات الاتهامات، ودبجت نفس مذكرات التحريات.

الآن، النار وصلت بيتكم يا سادة.. فماذا أنتم فاعلون؟ لا عاصم لأحد من الطوفان، «مش هينفعك الجهاز اللي بتشتغل معاه، ولا هينفعك أحمد شعبان، المهنة كلها مهددة، أكل عيشك على المحك يا أستاذ، ولادك هيجوعوا يا هانم، صوت المواطن الغلبان بيكتم، حقه في المعرفة والاطلاع بيتصادر، اللجوء إلى الرئيس لحل الأزمة لن يكون حلا، سيادة النائب العام مش هينفعك بعد أن دخل طرفا فى المعركة وصار حكما وخصما بعد بيانه الأخير».

إنها فرصتكم الأخيرة «صحفي ومواطن»، إنها معركة وطن، خرج أبناؤه منذ 5 سنوات مضت يحلمون بدولة محترمة، لكنهم مصرون للأسف على عقابه لمجرد أنه حلم، مصرون على أن يثأروا منه بعد أن أجبرهم على خلع البدلة الميري، والهرب بالملابس الداخلية مطأطئ الرأس.

ولقيت نفسي محاصر تانى وتحت الرجلين

قلت لنفسي وبعدين.. راح تفضل كده لامتى يا غلبان؟

بتدارى إيه؟.. إيه باقي تاني علشان تبقى عليه؟

وطنك؟.. متباع

سرك؟.. متذاع.. الدنيا حويطه وانت بتاع
ويهين المعنى الضابط
ويدوس بالجزمه على الحلم
ربنا رازقه بجهل غانيه عن كل العلم
ماذا تعني بالكون يا يساعك يا يسعني؟
رد يا جربان يا ابن الوسخة يا كلب
اظنك حتقولي تاني الشعب
أبيات من قصيدة الأحزان العادية للراحل عبدالرحمن الأبنودي
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف