خيرية البشلاوى
رنات- ثورة "الفيل الأزرق" وهيبتا
في العامين الأخيرين ظهر فيلمان مصريان احتفي بهما جمهور السينما بصورة لافتة وأشاد بهما النقاد وان اختلفوا في وجهات النظر وحققا في نفس الوقت عائدا تجاريا لم يكن متوقعا رغم ابتعادهما عن السائد والمسيطر علي شباك التذاكر.
والعملان يجمعان الرواية والفيلم السينمائي في علاقة حميمة سعيدة وهذا الانسجام ليس جديدا علي أي حال فقد اعتمدت السينما علي الحكي القصصي منذ اختراع الصور المتحركة واستمرت منذ ذلك الحين وسوف تستمر وانفصالها غير وارد.
والفيلمان هما "الفيل الأزرق" "2014" للمخرج مروان حامد و"هيبتا" "2016" للمخرج هادي الباجوري وهما مأخوذان عن روايتين بنفس الاسم. الأولي لأحمد مراد والثانية لمحمد صادق والروايتان حققتا نجاحا فوريا كبيرا قبل أن يتحولا إلي أفلام وقد أعيد طبعهما مرات وأصبحا من أكثر الروايات مبيعا.
الجديد الذي استوقفني التطور المهم الذي أصاب الأساليب التعبيرية التي فرضتها الرواية علي وسيط الفيلم السينمائي المصري ليتسق مع طبيعة العمل الروائي والنتيجة الفوز بعملين بعيدين تماما عن المألوف ومع الاحتفاظ بالنجاح التجاري والجماهيري المرضي وهي معادلة عادة لا تتحقق مع الأعمال الجادة والمركبة التي تحتاج إلي اعمال الخيال عند استقبال الفيلم في دار العرض.
والعملان من ابداع أجيال جديدة علي الصعيدين الأدبي والسينمائي درسوا السينما كفن وخبروا الانتاج العالمي بأدواته التكنولوجية المتطورة واختاروا موضوعات سيكولوجية مركبة وطريقة للحكي الروائي ـ السينمائي تتحدي السائد وتنجح.
والعملان يعالجان من زوايا نظر متباينة موضوعات مرتبطة بعلم النفس ولكن شتان الفارق في طبيعة التناول والمعالجة.. فارق بين الجانب المعتم والمعقد والشرير وبين سيكولوجية المحبين وأطوار الحب.
ما يشغلني وأحاول فهمه. قدرة الرواية الجديدة علي احداث ثورة في طبيعة وشكل الفيلم المصري ومن دون أن تفقد السينما أهم خصائصها ووظيفته ألا وهي اللغة الجمالية المثيرة والقدرة علي التسلية واشباع المتفرج المصري العادي.
ويبدو ان قدرة الرواية الجديدة وجماهيرها من الشباب انعكست علي جماهير السينما عندما تحولت هذه الروايات نفسها إلي أفلام وقام بإخراجها شباب متعلم ودارس ومتابع للتطورات السريعة التي جعلت الفيلم قادرا علي التصدي لموضوعات تتجاوز الحكاية وتدخل إلي عوالم النفس ودوافعها وإلي التأمل في تجليات الحياة وما يطرأ علي طبيعة العلاقات الإنسانية وعلاقة الإنسان بالموجودات حوله.
هل الجمهور الذي وضع الفيلمين "الفيل الأزرق" و"هيبتا" علي رأس قائمة الأعمال الأكثر نجاحا هو نفسه جمهور أفلام "السبكي"؟؟ علي سبيل المثال وأنا أعني التوليفة التي أصبحت "ماركة" تحمل اسمه لأن للسبكي أعمالا استطاعت أن تقدم معادلة للنجاح من نوع آخر.
الصديقة العزيزة انعام محمد علي لها رأي حول هذا السؤال:
تقول: الأغلب ان جماهير هذه الأفلام هم أبناء الطبقة المتوسطة الحريصة علي تعليم أبنائها في مدارس وجامعات خاصة وأيضاً طلبة الجامعات الأمريكية والأوروبية وهؤلاء أصبحوا يشكلون نسبة لا يستهان بها من جمهور السينما.. وهم أنفسهم أو أغلبهم من قراء الرواية ومن الطبيعي أن يتحمسوا لرؤيتها بعد تحويلها إلي فيلم.
ولكن لماذا لا نفترض ان الجماهير العريضة قد ملت "التوليفة" المستهلكة وأصبحت تتطلع إلي مذاق مختلف للترفيه السينمائي خاصة ان النجاح معد وسريع الانتشار.