الصباح
ايهاب البدوى
الصحفيون ليسوا بلطجية .. وسب الدين ليس صحافة
في أزمة النقابة والداخلية لا أحد منتصر، فقط هناك مهزوم، وهو الوطن.
العقل السياسي كان يفرض على الداخلية أن لا تدفع بالأمور الي مواجهة بين الدولة وتحديدا الرئيس وبين نقابة الصحفيين -لأن الداخلية محسوبة علي الرئيس -لكن عدم النضج والوعي السياسي للوزارة ومن يقودها هو من أوصلنا إلي هذا المأزق سواء بجهل أو سوء نية.
والعقل السياسي في النقابة أيضا كان عليه أن يحل المشكلة دون المرور إلى مرحلة استدراج الداخلية للمواجهة وأن يتم تنفيذ القانون بذهاب الزميل إلى التحقيق ومعه عضو مجلس نقابة ومحامي عن النقابة وينتهي الامر بشكل قانوني.
الحديث الان عن تعريف الموقف هل هو اقتحام؟ أم دخول؟ أم كتب كتاب؟ نصوص قانونية من هنا وتفسيرات فقهية قانونية من هناك تؤكد وتنفي واتوقع ان نلجأ في النهاية إلى دار الإفتاء. ولو كان الامن قد دخل النقابة برجله اليمين وقال "سلامو عليكو" فهذا دخول، اما لو دخل برجله "الشمال" دون ان يلقي السلام فهذا ولا شك اقتحام.
وللأسف خرجنا من الازمة بهتافين الاولي "الداخلية بلطجية " وهذه النتيجة لم تعد جديدة ولا تثير الذعر لدي الداخلية بل تشعرهم بان ايامهم الحلوة قد عادت، الهتاف الثاني جديد "لانج" وهو " الصحفيين بلطجية " لا يريدون ان ينفذ القانون عليهم ، وبدلا من بعض الكلمات "المتنطورة" هنا وهناك التي كنا نسمعها عن الصحافة وتدهورها ، تحول الامر الي رأي عام بدأ يتشكل "فرحان وشمتان" فيما وصلت اليه الصحافة ويريدون المقاطعة والمحاكمة والسحل و"النفخ" للصحفيين ، وهناك نتيجة جديدة ظهرت وهي بداية انقسام البيت الصحفي من الداخل نتيجة السلوك السياسي لأعضاء مجلس النقابة الذي يتحمل فاتورة الانتماء السياسي ليس لجموع الصحفيين ولكن لأعضاء المجلس .
بالطبع سهل جدا أن نتجاهل ما يحدث ونقول ان المنتقدين والمهاجمين مجموعة من المخبرين والامنجية والبلطجية اجرتهم الدولة لتشويه صورة النقابة والصحفيين، لكن هل هذ التبرير يجد قناعة حقيقية لدي النقيب وأعضاء مجلس النقابة الموقرين اذا ما خلو الي انفسهم؟ ام انه أصبح لدينا مشكلة بالفعل مع قطاع لا يستهان به من المواطنين؟ ويحتاج الي وقفة مع النفس حتي لا نفقد الشارع كما فقده الاخوان.
انني اخاطب الان كيانا نقابيا وليس كيانا سياسيا فكلنا والحمد لله قادرون علي التعبير عن راينا سلبا او إيجابا بشكل محترم او حتي بشكل منحط – مثل كتابات سب الدين لدي البعض – وبالتالي لا نحتاج مرشد سياسي نسير وراءه ، كل منا لديه قلم وان لم يكن لديه جريدة او موقع اليكتروني فان لديه مواقعه الشخصية علي وسائل التواصل الاجتماعي، وهي كافية جدا لدي قطاع كبير منا يتابعه اعداد اكبر من توزيع بعض الصحف الموجودة حاليا علي الساحة – بالمناسبة انا لست منهم – المهم اننا نريد من السيد النقيب ومجلسه ممارسة عمل نقابي حقيقي يحدث نقلة نوعية في حياة الصحفي ويحفظ له كرامته واستقلاله .
وارجو الا يحدثني أحد عن خدمات قدمها للنقابة فحتي الان أكبر عضو مجلس نقابة قدم خدمات للصحفيين لا يساوي واحد على عشرة من الخدمات والمكتسبات التي حصلنا عليها في عهد إبراهيم نافع او مكرم محمد احمد، نحن نقابة رأي وحريات وكل فرد فينا قادر علي انتزاع حريته بقلمه لا نحتاج دروس تقوية من النقيب ولا أعضاء المجلس لكن نريد ان تمثلنا النقابة لدي الدولة لتحصل على حقوقنا المسلوبة من سنوات ، أقول حقوقنا من عائد دمغة الإعلانات التي تستولي الحكومة على معظمها في صورة ضرائب وتلقي لنا بالفتات ليعيش أكثر من 80% من الصحفيين حياة الكفاف ، بينما لدينا اقل من 100 صحفي فقط هم من اصبحوا مليونيرات من البرامج التليفزيونية والاذاعية أو من مجالسة رجال الاعمال وتسليك صفقات البيزنس ،نريد حقوقنا النقابية يا سيادة النقيب ويا أعضاء المجلس الموقرين ، معظم الصحفيين تتم مساومتهم علي التعيين في بعض الصحف الخاصة -التي تقول انها تحمل رسالة وهما وطنيا - مقابل الحصول علي بدل النقابة كراتب والكل يعلم ذلك ولا احد يتحرك
اسالك يا سيادة النقيب هل نظام العلاج كافي للصحفيين من أصحاب الامراض الخطيرة؟
هل يحصل الصحفي تحت التمرين على أي حقوق او حماية من الجريدة التي يمثلها او النقابة التي سينتمي اليها مستقبلا؟ لدينا قطاع كبير من الشباب في الشارع يمارس المهنة دون أي حصانة فهل فكرت النقابة في إيجاد حلول؟
هل فكرت النقابة في استثمار المبني اقتصاديا لتحقيق عائد مادي يساعد في حل مشاكل الصحفيين المتعثرين مع البنوك؟
هل يستطيع صحفي قي جريدة قومية يعمل منذ أكثر من عشرين عاما ان يكفي حاجات بيته دون ان يلجأ للبحث عن عمل إضافي في جريدة او موقع اليكتروني او برنامج فضائي
يا سيادة النقيب لدينا صحفيين يمتلكون تاكسيات ويعمل البعض الاخر من خلال خدمة اوبر وثالث مشارك في قهوة بلدي ليستطيع العيش بكرامة، ماذا قدمت لهم يا سيادة النقيب؟ تخيل لو امتنعت الحكومة عن دفع البدل للصحفيين بسبب التقشف ماذا سنفعل وكم ألف اسرة صحفية ستتشرد؟
الخلاصة انني ارفض جملة وتفصيلا دخول او اقتحام الامن مبني النقابة مهما كانت المبررات وارفض أيضا حالة الاستقطاب السياسي التي يريد البعض من أعضاء المجلس ادخال النقابة فيها وفقا لرؤيتهم واتجاههم السياسي ، انا متضامن مع مجلس النقابة من منطلق انصر اخاك ظالما .
للمرة الالف لا نريد من أحد ان يعلمنا كيف نكتب ونعبر بحرية بل نريد من يطالب بحقوقنا بشكل قانوني ودستوري ونحن سنضغط معه ونقف الي جواره حتى نحققها ، وبالمناسبة عجبتني اوي مقولة "الصحفيين مش بلطجية " وانا اتفق معها تماما لكنني اضيف من عندي ان "سب الدين ليس صحافة" أيضا .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف