التحرير
أحمد بان
حادث حلوان وأسئلة مشروعة
استيقظت مصر صباح الأحد على حادث إرهابى غاشم، حيث أقدمت مجموعة من أربعة مسلحين فى ساعة مبكرة من الصباح، على استهداف ميكروباص يقل حملة من مباحث قسم حلوان، ضمت ضابطًا وسبعة أمناء أمكن رصد تحركاتهم واستهدافهم بزخات الرصاص الآلى، الحادث الذى أودى بحياة أعضاء المأمورية الأمنية، وخروج المجموعة الإرهابية من مسرح الحادث دون أى إصابات، بل وتحدث بعضهم عن اغتنام أسلحة.

داعش التى أعلنت مسؤوليتها عن الحادث فى إطار حربها على ما سمته جيش وشرطة الردة، استبقت بيان مجموعة أخرى تسمى نفسها المقاومة الشعبية مصر، وهى مجموعة من المجموعات النوعية التى خرجت من تنظيم الإخوان، واتجهت أعمالها الانتقامية تحت راية الثأر إلى الدولة المصرية ومؤسساتها، على خلفية فض اعتصامى رابعة والنهضة، وهو ما حرصت المجموعة فى بيانها على تأكيده، عندما قالت إن الحادث يأتى فى ذكرى مرور ألف يوم على فض اعتصام رابعة.

بداية يلزم أن نعرف من هو المسؤول عن تنفيذ الحادث؟ هل هى المقاومة الشعبية أم داعش؟ وهل يملك داعش عناصر فى نطاق محافظة القاهرة تستطيع تنفيذ العملية؟ أم أن دوره توقف فقط عند القيام بتنفيذ الهجوم، بينما تركت مهمة الرصد والمعلومات لمجموعة أقرب إلى الإخوان هى مجموعة المقاومة الشعبية، قبل ما يقرب من أربعة شهور ظهر فيلم فيديو خرج عن أنصار بيت المقدس، بدت فيه مجموعات من عناصر التنظيم تتدرب على تنفيذ عمليات اغتيال داخل المدن، وهو ما أشر إلى نية التنظيم تنفيذ عمليات اغتيال داخل المدن المصرية، فى محاولة ربما لنقل المعركة من سيناء التى يواجه فيها التنظيم ضربات موجعة، إلى داخل المدن فى محاولة لشحذ همة أعضائه من جهة، والإيحاء بأنه ما زال قادرا على ضرب أهداف داخل العاصمة، بصرف النظر عن طبيعتها ربما تصورت أجهزة الأمن أن التنظيم قد يلجأ لتنفيذ تلك العمليات فى المدن القريبة من سيناء، كالعريش أو الصالحية الجديدة أو المدن الساحلية، لكن ربما ما رتب أولوية لحلوان أنها منطقة جاذبة لعناصر قادمة من بنى سويف والمنيا والفيوم، وهى الخزان الذى ظل يمد التيار الجهادى بعناصره طوال عقود، كما جسدت تلك المنطقة مع محافظة القليوبية والجيزة المثلث الأصعب.

يدعى البعض رغم أن هذا الحادث تبدو فيه أدلة واضحة على تورط مجموعات الجهاد الجديدة، سواء تلك التى تعبر عن فلول أجناد مصر أو العقاب الثورى أو المقاومة الشعبية، وهى تلك المجموعات النوعية التى نجح الأمن فى تفكيكها خلال الفترة السابقة، أو داعش التى نفذت الحادث بعناصرها المدربة، يدعى البعض أن الحادث جنائى فى إطار الثأر بين بعض الأهالى وعتاة المجرمين وبعض منسوبى الشرطة، على خلفية صراع ممتد بين الطرفين يروج البعض أنه نتاج مظالم تراكمت، ويحاول بعض الأصوات المحسوبة على الجماعة ترويج تلك الأخبار فى إطار صراع الإخوان مع الدولة.

لكن السؤال الأهم بصرف النظر عن المسؤول الحقيقى، سواء أكان تشكيلا عصابيا أو تنظيما إرهابيا، تبقى الجريمة واحدة، ويبقى السؤال: هل خضعت برامج تأمين أفراد الشرطة لعناية كافية، أم أننا ما زلنا على قديمه كما كشفت إشارة الرئيس لوزير الداخلية.

نبكى الضحايا وغيرهم كثر على امتداد هذا المسلسل الدامى الذى تعيشه مصر منذ خمس سنوات أو أكثر، لكن لا يجب أن يثنينا هذا عن طرح الأسئلة الصحيحة هل ينطوى الحادث على خرق أمنى فى كشف تفاصيل مأمورية سرية يرتدى أصحابها ملابس مدنية ويستقلون مركبة مدنية؟ هل اشتبك أعضاء المأمورية من رجال الشرطة مع المهاجمين أم بوغتوا بالهجوم ولم يتجاوزوا صدمته؟ هل واكبت قدرات الشرطة فى تدريبها وتسليحها وسلوكها قدرات المجموعات الإرهابية؟ ومن سبق الآخر؟

هذه أسئلة مشروعة تنطلق من قبيل الحرص على أرواح جنودنا وضباطنا، وشعبنا الذى يواجه تحديا يستلزم إلى جانب الارتقاء بكل العوامل السابقة، استحضار روح التحدى وعلاج ثغرات بناء الاصطفاف الوطنى، التى تزاحم مشاهدها مشاهد الاصطفاف الواجب حتى لا تتكرر تلك الحوادث فى مناخ يبدو أكثر قبولا لأفكارها، خصوصا لدى جزء من جسد جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات التى تجسد ممارسات داعش لديهم النموذج الأكثر إلهامًا، هذا الحادث ناقوس خطر يدق، إننا أمام لاعب جديد يدشن لتحالف بين داعش ومجموعات خرجت نهائيا من جماعة الإخوان وكفرت كما تقول بسلميتها المبدعة، لتبدع هى لونًا جديدًا من ألوان الإرهاب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف