التحرير
أحمد نجيب
كيف هزم مارتن يول فريقه أمام وادي دجلة؟
تناولت الأغلبية تصريحات مارتن يول المدير الفني للنادي الأهلي، بعد التفوق على حرس الحدود، برباعية نظيفة، بالكثير من التهليل والبهجة بسبب تهكمه على المنافسين وضمان حسم لقب الدوري مبكرًا.

بطبيعة الحال كان المدير الفني الهولندي يقصد بتصريحاته إعطاء تلك الأفضلية النفسية لفريقه عن المنافسين وربما قصف جبهتهم أيضاً - إن جاز التعبير-.

تلك النوعية من التصريحات يجب التريث بعض الشيء قبل إطلاقها بسبب أنها سوف تصبح متداولة بين العامة وربما لن يقوم البعض بفهم مضمونها الإيجابي مثلما أراد قائلها بل سيحدث العكس تمامًا.

الأمر نفسه ينطبق على لاعبي الأهلي الذين تلقوا تلك التصريحات مثل غيرهم وأوجدت لديهم حالة من الاسترخاء والاطمئنان لحسم اللقب وبالتالي استسهال ما تبقى من مشوار البطولة.

ما سبق هو الجزء الأول من أسباب هزيمة الأهلي أمام وادي دجلة قبل دخول المباراة.. ولكن هناك أسباب أخرى عديدة فنية وتكتيكية ظهرت داخل أرض الملعب.

في مباراة من جانب واحد وصل فيها استحواذ الأهلي على الكرة إلى 70% خرج الفريق الأحمر مهزوماً بهدف نظيف لعجزه عن ترجمة تلك السيطرة الشكلية إلى فرص حقيقية.

ولكن لماذا فشل الأهلي هجومياً؟
هناك طريقتان للهجوم في أغلب التكتيكات..

1. أن تلعب بصانع لعب في العمق يجيد التحرك بذكاء على الأطراف وفي الخلف من أجل فتح المساحات أمام الأجنحة وحتى يتحول لدور المهاجم الثاني عند الحاجة.

2. أن تعتمد على ساعد هجومي على الطرف يكون في الأصل لاعب جناح يمتاز بالمراوغة والقطع المستمر من الخط إلى العمق.

حافظ مارتن يول كما عهدناه دائماً على خطة لعب 4-2-3-1 ووضع عبد الله السعيد في المركز 10 كصانع لعب صريح خلف إيفونا مباشرة.



السعيد لاعب وسط مساند أكثر منه لاعب هجومي يعود باستمرار إلى الارتكاز ليتسلم الكرات ويمرر بحرية بعيداً عن الضغط.. لكنه كلما تواجد بالقرب من المرمى قلت خطورته لأنه ضعيف بعض الشيء في المساحات الأكثر ضيقاً، بالإضافة إلى عدم تمتعه بالمهارة الخاطفة في مواقف 1 ضد 1 لذلك تواجده كصانع لعب لم يكن أبداً قرارا موفق خصوصاً مع غياب حسام غالي أو من يمتلك نفس مواصفاته عن خط وسط الأهلي.

تركيبة الوسط وبديل غالي الغائب

لعب يول بثنائي محوري في منطقة الارتكاز بمشاركة عمرو السولية جنباً لجنب مع حسام عاشور في تركيبة ثنائية تعطي عمقا دفاعيا قويا بكل تأكيد وتمنع الأهلي من تلقي مرتدات سريعة.

الجانب السلبي يظهر في ضعف الشق الهجومي لهذه التركيبة بسبب وقوف الثنائي على خط واحد تقريباً طوال الوقت.

فكرة وجود ثنائي ارتكاز في خط واحد تؤدي إلى قلة خيارات التمرير وغلق زوايا الرؤية أمام بقية الفريق مع فاصل من التمريرات العرضية من جانب إلى آخر دون أي تقدم ليصبح لعب الأهلي قمة في التوقع عن طريق تمريرة من عاشور إلى السولية أو العكس وهكذا حتى النهاية.



بحسب خارطة توزيع تمريرات لاعبي الأهلي الموضحة نجد أن حسام عاشور مرر الكرة للسولية 20 مرة مثلما مرر السولية لعاشور الكرة في 12 مرة، كما موضح بالرسم والمربعات لكن دون أي خطورة في الثلث الهجومي الأخير، لأن معظم هذه التمريرات في منطقة الوسط من لاعب لآخر بعيداً عن بقية العناصر في الأمام.

الأهلي المكشوف غير المبتكر

كلما تعقدت الأمور يلجأ مارتن يول إلى الحلول الكلاسيكية القديمة عن طريق العرضيات الكثيرة من الأطراف لكن هذه الطريقة تبدو غير مجدية بالمرة ليس بسبب ضعف عماد متعب وعمرو جمال "بدائل إيفونا" في تحويل هذه الكرات إلى أهداف، لكن لأن الأهلي يملك أظهرا لا تجيد كثيرا هذا الدور.

صبري رحيل لاعب ضعيف بعض الشيء هجومياً عرضياته غير متقنة وأغلب تمريراته مقطوعة.. بينما أحمد فتحي يلعب بتسرع غير مبرر ويلجأ دائماً إلى الحلول المعقدة في التوقيت الخاطئ لذلك لعب الأهلي بطريقة لعب مكشوفة للغاية وسهل الأمر كثيراً على دفاع دجلة وحارس مرماه.

لعب الأهلي 36 عرضية خاطئة أمام وادي دجلة في 90 دقيقة.. أحمد فتحي بمفرده لعب 17 عرضية خاطئة وصبري رحيل لعب 7 عرضيات خاطئة.



تمثل هذه الأرقام علامة استفهام كبيرة للغاية أمام مدرب بحجم وقيمة مارتن يول لأن خسارة 3 نقاط في سباق الدوري أمر عادي ومقبول ومنطقي، لكن أن تخسر بهذه الطريقة السلبية وأن تعيد أخطاءك في كل مباراة فائزا أو مهزوما فهذا الأمر غير قابل أبدا للفهم لأن مباريات إفريقيا القادمة ستكون أصعب وستحتاج إلى حلول أذكى وأجرأ.

تبديلات رتيبة غير مجدية

يقوم الأهلي بتغييراته في أوقات معروفة الصغير قبل الكبير يستطيع توقع كل تغيير مع دقيقة نزول كل بديل ومعرفة كل لاعب سيدخل إلى الملعب مما يجعل الأهلي محفوظاً ومتوقعاً بشدة أمام كافة خصومه لأنك تعرف كيف تتعامل مع منافسك عندما يكشف أوراقه ولا يفكر أبداً في المباغتة..

إشراك وليد سليمان كان قرارا منطقيا لكن الأفضل وجوده مع توليفة قوية هجومياً تفيد الفريق وتفيده.. وادي دجلة لا يهاجم لذلك كان من الأولى إخراج لاعب ارتكاز واللعب بثلاثي في الوسط عاشور أو السولية أمامه عبد الله ثم وليد مع ضرب الأطراف برمضان ومؤمن.

حتى إذا كان خروج مؤمن ضروريا كان يجب مشاركة وليد على اليسار كجناح هجومي أو حتى ظهير عوضاً عن صبري رحيل في سبيل دخول رمضان إلى العمق واللعب بأكثر من صانع لعب خلف المهاجمين..

لعب الأهلي بثنائي هجومي صريح في الدقائق الأخيرة لكن بدون صانع لعب حقيقي من الأساس كأنه يعتمد على 4-4-2 الكلاسيكية المكونة من ثنائي على الأطراف لا يصنع الفرص وثنائي من الأظهرة لا يجيد العرضيات مع ثنائي هجومي لا يقوى على الخروج بعيداً عن منطقة الجزاء.

كلها ثنائيات رتيبة لا تجلب انتصارا بل هي هزيمة للطاقم الفني قبل اللاعبين.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف