المساء
مؤمن الهباء
شهادة -عمدة لندن .. المسلم
ابتهجت كما ابتهج كثيرون غيري بانتخاب أول مواطن مسلم "صادق خان" ليكون عمدة لبلدية لندن. بعد تغلبه علي منافسه اليهودي "زاك جولدسميث" الذي سعي مراراً لتشويه خان واتهامه بالتطرف ومعاداة السامية ومساندة الإرهاب والإساءة للشرطة.. وهي التهم التي واجهها خان بثقة قائلاً: "أنا فخور بأنني مسلم.. وأنني لندني وبريطاني.. ولديَّ أصول باكستانية.. كما أنني أب وزوج. وأشجع فريق ليفربول.. نعم أنا كل ذلك".
لكن الحقيقة التي يجب أن ندركها جيداً أن أهل لندن لم ينتخبوا خان لأنه مسلم.. هم أساساً ربما لم يسألوا إن كان مسلماً أو غير مسلم.. وإنما انتخبوه لأنهم رأوا فيه السياسي صاحب المواقف والخبرات التي تساعد علي رفعة مدينتهم ـ العاصمةـ والتي يُعد عمدتها الرجل الثاني في الأهمية علي مستوي البلاد بعد رئيس الوزراء.
هم يعرفون أن صادق خان. ابن المهاجر الباكستاني والذي يبلغ من العمر 45 عاماً سياسي مخضرم داخل حزب العمال. وعضو فاعل في البرلمان "مجلس النواب".. وقد تولي العديد من المواقع الوزارية. وأبلي فيها بلاءً حسناً.. وهو مولود في لندن. ونشأ في سكن حكومي. وينتمي إلي الطبقة العاملة ـ كان أبوه سائق أتوبيس عام ـ وحاصل علي شهادة في القانون من جامعة شمال لندن. وعمل لفترة طويلة كمحام متخصص في حقوق الإنسان.. في حين أن منافسه اليهودي الذي ينتمي لحزب المحافظين. الحاكم. والذي يبلغ من العمر 41 عاماً. ابن مليونير كبير يعمل في قطاع التمويل.
قال صديقي: إن البهجة التي يجب أن نبتهجها ستكون يوم أن يتحقق عندنا ما تحقق لأهل لندن. لأن هذا سيكون معناه أن مجتمعنا تخلص من كثير من أمراضه وقيوده. التي تحول دون انطلاقته في طريق الإصلاح والديمقراطية والمساواة. وتطبيق العدالة.. يوم يكون منصب المحافظ.. عندنا بالانتخاب.. ويوم نكون قادرين علي انتخاب الشخص المناسب للمكان المناسب. بصرف النظر عن دينه. أو لونه. أو جنسه. أو عرقه.. هل تذكر كيف اعترض بعض أهلنا في الصعيد علي تعيين محافظ جديد. فقط لأنه مسيحي؟!!.. ولأنهم لا يريدون أن تكون محافظتهم هي الكوتة. التي تُعْطَي للإخوة الأقباط من بين محافظات الجمهورية؟!!
ستكون فرحتنا حقيقية يوم نتخلص من عنصريتنا. ونستطيع أن ننتخب ابن مهاجر أفريقي أو آسيوي أو لاتيني لمنصب رفيع في الدولة. دون النظر إلي عرقه.. أو جنسه.. هل هو ذكر أم أنثي؟!.. حين يكفينا من المرشح للمنصب أن يكون كفؤاً وخبيراً ومشهوداً له بالنزاهة.. وليس بالضرورة ابن مَن.. وكشف العائلة.. وماذا يعمل أبوه؟!!
يا سيدي.. نحن نتباهي بأن ابن الزبال لا يمكن أن يدخل سلك القضاء.. فكيف سيكون ابن سائق الأتوبيس العام.. وابن المهاجر الباكستاني عمدة للعاصمة.. إن لم تتغير هذه العقلية التي تشدنا للوراء؟!!
لو أنهم في العالم المتقدم يفكرون بعقليتنا ما كان ابن مهاجر أفريقي قد وصل إلي منصب رئيس أكبر دولة في العالم.. وما كان ابن مهاجر باكستاني قد وصل إلي منصب عمدة لندن.. وبالانتخاب!!
لابد أن نعترف بأن الطريق مازال أمامنا طويلاً حتي نتخلص من أمراضنا. لنبني مجتمعاً جديداً. ناهضاً. ديمقراطياً وعادلاً.. وبالمناسبة الإسلام لا يقف عائقاً أمامنا في تحقيق هذا الهدف النبيل.. بالعكس. الفهم الصحيح يؤكد أن الإسلام خلَّص مجتمعاتنا قديماً من العنصرية. والشعوبية. وجعل من القبائل المتنافرة المتقاتلة أمة واحدة.. والحضارة الإسلامية لم تقم علي أكتاف العرب والمسلمين فقط.. وإنما شارك فيها كل المواطنين.. مسلمين ومسيحيين ويهود ومجوس وآشوريين. ومن كل الملل والأعراق.. عرب وفرس وروم ومصريين وأفارقة.. لذلك كانت حضارة تعترف بالتنوع والتعدد.. لذلك انتصرت وطال عمرها. وقدمت للبشرية إنجازات خالدة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف