الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية -هلال رمضان.. أم هلال الغلاء؟
قبل الهنا.. بسنة، هلت روائح شهر الطعام، أقصد شهر الصيام! إذ طرح التجار ما في مخازنهم من سلع حتي وإن قارب موعد نهايتها! أو طرح ما استوردوه، من كل بقاع الأرض.. ونحن أكبر المستوردين!
** إذ من ياميش رمضان- ونحن عشاقه- نستورد القراصيا من ولاية كاليفورنيا أقصي غرب أمريكا.. وكذلك بعض أنواع عين الجمل والبندق.. ومن تركيا نستورد التين المجفف، والعنب بأنواعه، والزبيب أيضاً والرخيص من القراصيا- التي هي البرقوق المجفف، ونفس هذه الأشياء وغيرها نستورده من قبرص ومن اليونان، ومن جنوب آسيا نستورد جوز الهند بكل أنواعه.. حتي زيت جوز الهند، ومن ماليزيا زيت النخيل للطعام وللصناعات والأناناس.. تماماً كما نستورد معلبات الفواكه المسكرة من اليونان ورومانيا وبلغاريا.. ومن سوريا قمرالدين ودبس الرمان.. والعدس لزوم الشوربة! ومن كندا نستورد الفول المطلوب للتدميس.. كما نستورد التمور من الحجاز- والمدينة المنورة بالذات- أو من البصرة جنوب العراق، لأن الإنتاج المحلي المصري من الواحات والوادي الجديد وأسوان لا يكفي.. بل إن بعض ما نفضله من أنواع الخضراوات اللازمة للتخليل وعمل الطرشي، نستورده أيضاً.. وبالطبع نستورد القمح للخبز.. وللمكرونة وكذلك السكر، رغم إننا «كنا» نصدر هذا السكر الفاخر.
** خلاصة هذا الكلام هنا هو أننا «نبيع أصول البيت المصري» لكي ندفع فاتورة كل هذه الواردات.. لأننا شعب مستهلك.. وغير منتج.. حتي زيت الطعام اللازم لطبق المدمس نستورده!
ولأننا نستورد كل ذلك- وأكثر- يزداد الطلب علي الدولار، الذي هو عملة الدفع المقبولة، في كل الدول التي نستورد منها.. حتي ولو كانت لحوماً مبردة، أو مجمدة أو حية نستوردها من البرازيل والأرجنتين غرباً إلي الصومال وإثيوبيا والسودان- في إفريقيا- وحتي من نيوزيلندا واستراليا وبالذات أغنام الدولتين، وهي الأفضل عالمياً.
** وحتي نوفر كل ذلك.. زاد الطلب علي الدولار.. وكان ذلك من أسباب ارتفاع سعره حتي بنسبة 40% في بعض الأيام، وبالذات من شهرين.. تحسباً لإتمام عمليات الاستيراد المبكرة.. وكل ذلك لزوم شهر الصيام.. طيب ماذا يفعل الفقير حتى المتوسط الدخل حتى ندبر ما تطلبه البيوت من هذه المطلوبات، التي يري البعض أن شهر رمضان لا يجوز إلا بتوفيرها.. حتي ولو كانت بعمل الجمعيات والاستدانة.
حقيقة من الصعب- بل من المستحيل- أن نطلب من الناس شد الحزام وتقليل حجم ونوع ما نأكله في رمضان.. ولكننا ننسي الحكمة الشعبية الخالدة «علي قد لحافك» بينما نطبق مقولة «إصرف ما في الجيب.. يأتيك ما في الغيب» حتي ولو كان ذلك فيه.. خراب مالطة!
** ولكن السلطات المصرية تحاول ألا يثور الشعب عليها إذا قلل من حجم هذه الصادرات، حتي ولو كان «شوية كمون» من قبرص! فالدولة هنا تقوم بعملية «تدليع» الناس.. ولكن أن يتم ذلك علي حساب كيان الدولة نفسها.. أي خراب مالطة فعلاً.. فهذا هو الخطر!
وقد يكون هذا الكلام صادماً للناس، وحتي لا يكون كذلك فإنني أقترح تأجيل أي برنامج للتقشف إلي ما بعد عيد الفطر المبارك علي أن نستعد من الآن ببرامج للحد من الاستيراد.. حتي لا نعطي للمتربصين بنا الفرصة لتدمير الدولة المصرية.
** حتي ولو تم هذا علي حساب بطون كل المصريين!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف