شوقى الشرقاوى
أوراق -خذوا مرتبي.. وأنفقوا علي أسرتي!!
في عهد رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء تحرير الصحف في الربع الأخير من القرن الماضي وقبل ثورة يناير 2011 كانت قراراتهم الشفهية أقوي من القانون.. ويا سعده يا هناه ممن كانوا يرضون عنه من المنافقين والأفاقين.. حيث يغدقون عليه المنح والمكافآت.. أما من يغضبون عليه فهو المكروه والمطرود من نعيم جنتهم.
أعرف صديقا تعدي الستين من عمره - متعه الله بالصحة والعافية - تعرض لموقف صعب في التسعينيات من القرن الفائت.. غضب عليه "رئيس التحرير" وبالوشاية من البصاصين والزبانية قام بخصم أكثر من نصف مرتبه بحجة التأخر ساعة أو ساعتين يوميا رغم انه كان يحضر ويوقع في الساعة ويعمل طوال اليوم.
المهم.. انه عند قبض المرتب وجده ناقصا أكثر من نصفه.. وهذا معناه انه لن يستطيع الوفاء بمتطلبات منزله.. أخذ المبلغ المنصرف وجلس أمام مكتب "رئيس التحرير" حتي سمح له بالدخول.. فأعطاه صديقي المبلغ وقال له: خذ مرتبي "ياريس" وانفق علي أسرتي.. وقدم له بيانا بمتطلبات الأسرة الشهرية والمتمثلة في إيجار المسكن وفواتير الكهرباء والمياه وأقساط مدارس الأولاد بالإضافة إلي المصروفات اليومية التي تطلبها كل أسرة.
والحق يقال.. رغم فرعنة هذا المسئول - آنذاك - إلا أنه كان يتمتع بصفة إنسانية تظهر عليه في بعض الظروف.. فقام بإعادة المبالغ المخصومة واعطاه 50 جنيها زيادة.. فانتعشت سريرة صديقي ووجدته مبتسما بعد الكآبة.. وقال لي في سعادة ياريت يخصم لي كل شهر!!
وأعرف عددا من الأصدقاء يخرجون من الجريدة إلي جرائد وصحف أخري بل ومكاتب عربية أحيانا.. ومع ذلك لا يستطيعون الوفاء بكل مستلزمات أسرهم.. أما بعض الاصدقاء من العاملين الذين لا يعرفون بيوتهم إلا للنوم حيث يخرجون من عملهم إلي أعمال أخري شاقة مثل البيع في السوبر ماركت أو المقاهي أو غيرها هؤلاء الاصدقاء يؤيدون فكرة أن تأخذ الحكومة المرتبات وتوفر كل المتطلبات للأسر.
أذكر هذه الوقائع بمناسبة معاناتنا جميعا.. من عدم وفاء مرتباتنا وأنفقوا بمتطلبات أسرنا .. لدرجة اننا - نحن الموظفين - نعلنها وبصوت مدوي لكل المسئولين.. خذوا مرتباتنا وانفقوا علي أسرنا.. لأننا أصبحنا عاجزين أمام الارتفاع الجنوني للأسعار وطغيان الدولار "المفتري" علي الجنيه "الغلبان" في الوقت الذي زادت فيه المتطلبات.. فبجانب قسط المسكن تأتي الفواتير المجنونة للكهرباء والمياه والغاز والتليفونات والإنترنت.. وغيرها من المصروفات اليومية.
واكتملت الحلقة الصعبة بمتطلبات شهر رمضان الذي يحل علينا بعد أيام.. وما أدراك بمصروفات هذا الشهر الكريم.. والذي كنت أحاول فيه شراء نصف كيلو من كل نوع من الياميش.. لكن هذا العام اتضحت المعالم.. وخرجت الأسعار من الكنترول بأن الياميش يستعصي علي الغلابة أمثالنا.. ومن ثم يكفينا التمر والفول السوداني وحمص الشام.
كلمة هامة:
المرتبات اتقلت قيمتها.. والأسعار زادت ضراوتها.. والحكومة مشلولة ايدها.