الأخبار
محمد السيد عيد
إسلام بلا مذاهب - الحرب المتوقعة لو وقعت ستكون نتائجها وخيمة
الأصل في الأمة الإسلامية أنها واحدة، أما تنوع المذاهب الإسلامية إلي سنة وشيعة وخوارج فهذا شئ طبيعي، وله مثيله في الديانات الأخري. المهم أن الجميع يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويؤدون نفس الصلاة، ويحجون معاً إلي مكة، ويلتفون حول نفس القرآن. لكن المشكلة أن إيران تريد أن تجعل من هذا البعد المذهبي سبباً للتوسع ونشر النفوذ السياسي، حتي لو كان الثمن هواشتعال الحروب بينها وبين جيرانها.
بدأت الخطة الإيرانية مع بداية الربيع العربي، إذ وجدت إيران الفرصة سانحة للتدخل في الشئون العربية، وتدخلت فعلاً في البحرين، وكان لابد أن تتحرك السعودية بسرعة لمواجهة المخطط الإيراني، ثم تطور الأمر، فوجدنا إيران تتدخل في سوريا، واليمن ، فضلاً عن تدخلها من قبل في العراق. ولم تقف السعودية ساكنة أمام أطماع إيران، وخاضت حرباً حقيقية في اليمن ضد الحوثيين، وأعلنت عن نيتها التدخل البري في سوريا لولا أن التوازنات الدولية حالت دون ذلك، وتوازي مع التحركات العسكرية تحرك سياسي ودبلوماسي لإدانة تدخل إيران في الشئون العربية. وبدا واضحاً أن السعودية وإيران صارتا متنافرتين وجاهزتين للاشتباك في أي لحظة.
كانت مصر في بداية الربيع العربي مشغولة بتغيرات كبري، أهمها : إخراج مبارك من السلطة، ثم إخراج مرسي وإخوانه، ولهذا لم تكن لديها فرصة لأن تفعل أي شئ في مواجهة ماتفعله إيران، لكن بعد أن استعادت نفسها صارت في قلب المشهد. فقد أعلنت أن أمن الخليج خط أحمر، وأن تدخلها في حالة تعرض دول الخليج للعدوان لايحتاج إلا لمسافة السكة، والمعروف أن دول الخليج مولت بعض صفقات الأسلحة الأخيرة لمصر في مواجهة عدم توريد أمريكا للأسلحة للجيش المصري، تلا ذلك اشتراك مصر في التحالف الذي يقاتل في اليمن، والقيام بمناورات مشتركة مع عدد من دول الخليج، ومعني هذا أن احتمال اشتباك مصر في أي حرب متوقعة بين إيران ودول الخليج لايقبل الجدل. وأظن أن التقارب المصري الخليجي يعكس نظرة معظم دول الخليج إلي مصر باعتبارها القوة العربية الكبري القادرة علي حماية أشقائها.
الحرب المتوقعة لو وقعت ستكون نتائجها وخيمة، فالقوتان كبيرتان، وكل منهما تملك أسلحة متطورة يمكنها إيقاع الأذي الموجع بالطرف الآخر. ومن المؤكد أن المستفيد الوحيد من قيام حرب بين السنة بقيادة مصر والسعودية، والشيعة بقيادة إيران، هو أمريكا وإسرائيل، لأنها ستحقق لهما هدفين استراتيجيين، هماً : استبدال العرب لعدوهم التقليدي وهو إسرائيل، بعدو آخر هو إيران. وتوريط مصر في حرب تستهلك ثروتها المتوقعة، لأن مصر ستصبح في السنوات القادمة من أكبر الدول المصدرة للغاز في العالم، ولو تحسنت أحوالها الاقتصادية لكان لها شأن آخر.
ولو أحسن المسلمون لما استسلموا لهذا السيناريو الذي تريده أمريكا وإسرائيل. وبداية إفساد هذا المخطط لابد أن تكون علي أيدي علماء الدين في المعسكرين، لابد أن نعود جميعاً لفكرة أساسية، هي أننا جميعاً مسلمون، وعلينا بدلاً من أن نكفر بعضنا ونتقاتل أن نبحث عن نقاط الالتقاء. إن مذهب الشيعة الزيدية مثلاً لايختلف اختلافاً كبيراً عن مذاهب أهل السنة، والمذهب الشيعي الجعفري ( نسبة لجعفر الصادق ) كذلك، حتي إن الشيخ شلتوت رحمه الله أجاز لأهل السنة التعبد إلي الله به مثلما يتعبدون بالمذاهب الأربعة. ونقاط الالتقاء مع الفكر الإثني عشري كثيرة. وعلينا أن نحدد نقاط الاختلاف ونتباحث معاً فيها لمزيد من التقارب بدلاً من التركيز علي نقاط الاختلاف، والاستسلام للمخطط الخارجي المدمر.
إن الأزهر يمكنه أن يلعب الدور الرئيسي في التقارب بين الفريقين، ولمصر سوابق في هذا. فالتقارب الآن ضرورة لحماية المسلمين وثرواتهم وبلادهم. فهل يلبي الأزهر هذا النداء ؟ وهل بين رجال الدين في قم من يستجيب ؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف