عثمان الدلنجاوى
نبض الوطن- دروس من أزمة الصحفيين والداخلية..!
في أزمة الصحفيين والداخلية دروس وعبر علي الجميع قراءتها واستخلاصها بعناية وموضوعية. فلا نملك في مرحلة انتقالية تأسيسية ترف الجدل العقيم أو الخلاف المحموم في قضايا تستنزف مقدراتنا وتلهينا عن معاركنا الحقيقية مع الإرهاب عدو الجميع. والفقر والفساد والتخلف والسلبية.. فما جدوي تأجيج الصراعات بين مؤسسات دولة يفترض أنهم شركاء في المسئولية والواجب. وليسوا خصوما يعادي بعضهم بعضا. ويستمسك كل منهم بموقفه أيا ما تكن صحته.. فذلك مضرة للوطن. مجلبة للفتن. مدعاة للانقسام. ذريعة لجعل الدولة لقمة سائغة في أفواه أعدائها. وفي مرمي مشعلي الحرائق وصانعي الأزمات.
وحسنا فعل مجلس نقابة الصحفيين حين جنح إلي التهدئة بإعطاء فرصة للحوار والتفاوض وتدارك مازلت فيه الأقدام من هنا أو هناك. وقطع الطريق علي المزايدين والمتربصين.. وليتنا نستثمر الأزمة ونحولها إلي فرصة تصب في صالح الحريات وتعجل بإصدار قانون الإعلام الموحد متوافق عليه.. فليس من المصلحة الوطنية تحويل واقعة اقتحام الداخلية لنقابة الصحفيين - وهو أمر مرفوض قطعا - إلي معركة تكسير عظام وفق معادلة صفرية فيها منتصر ومهزوم.. فلا يصح أن نجعل ظهر الدولة في "الحيط". كما لا يصح أيضا أن ندهس كرامة نقابة الرأي والحريات تحت أقدام الأمن أو يجري تهيئة المناخ لاستعداء الرأي العام علي النقابة بل من الضروري أن تكون كفة الحريات هي الراجحة في العلاقات بين الأمن والحريات لأنها مظلة تحمي المجتمع بأسره. وكلما زاد الأمن إحكام قبضته علي حياة الناس كان ذلك أدعي لتراخيه وقلة يقظته في مواجهة الخطر الحقيقي.
أزمة الصحفيين والداخلية كاشفة لعوار كبير أصاب مجتمعنا. ذلك أن الاستقطاب الحاد والتعصب للرأي تأييدا أو معارضة. وضيق الصدر بحق الاختلاف والاستعداد لاقصاء المختلف معنا وقطيعته باتت ردود أفعال واقعة كلما مرت بنا أزمة أو عبرت بنا مشكلة. ورغم كثرة ما قيل تفسيرا أو تبريرا أو دفاعا عن موقفي طرفي الأزمة وهو ما كرس لمزيد من الانقسام فإن ما قاله نقيب المحامين سامح عاشور في حواره مع الزميل إبراهيم عيسي جدير بالتأمل. إذ يري أن ثمة ظلما وقع علي نقابة الصحفيين ونقيبهم. وتطرقا شاب أداء الداخلية في ضبط وإحضار الصحفيين بدر والسقا من النقابة. وانتقائية في تنفيذ أحكام الضبط والاحضار. وكان ينبغي تطبيق القانون بحسن نية لا تعسفا يخلق أزمة. ويشمت بنا الآخرون. وما تم خالف المادة 70 من قانون النقابة وما جري كان تفتيشا يستلزم إبلاغ النقيب أو من يمثله وحضور عضو نيابة لتلك الواقعة.
أما ما يؤخذ علي مجلس النقابة في رأي نقيب المحامين فهو تعلية المواجهة من البداية. واللجوء للجمعية العمومية السلطة الأعلي في النقابة مباشرة. الأمر الذي يغل يد المجلس في التفاوض بعد قراراتها الملزمة له. ولا يمكن تغييرها إلا بالرجوع إليها.. وهنا جري تصوير الأمر أمام الرأي العام وكأنه "إملاء" علي الدولة.
والحل في إدارة حوار موضوعي هادئ يضمن الحفاظ علي كرامة النقابة واعتبارها ويحتوي شبابها الغاضبين مما حدث. ويفوت الفرصة علي الراغبين في تصعيد أزمة لن يستفيد منها طرفاها بل تصب في صالح أطراف أخري تستغلها لاشعال الموقف وتصفية الحسابات وتحقيق مآرب شخصية وتشويه الصورة والتحريض علي الصحافة والإعلام.. ومصر لا تحتمل أن تفقد توافقها الوطني أو دولتها القوية التي تعلي هيبة القانون وتترجم مبادئ دستور إلي واقع يحقق الأمن دون أن ينتقص من الحرية.