مؤمن الهباء
شهادة - نهاية عصر الاستغفال
وضعت الانتخابات الإسرائيلية نهاية لعصر الاستغفال.. أو هذا ما ينبغي أن يكون.. فقد استغفلونا زمنا طويلاً باسم السلام والمفاوضات والشراكة وحل الدولتين حتي صدمتنا الحقيقة المرة.. وقال الاسرائيليون من خلال صناديق الاقتراع وبأعلي صوت: استيقظوا من غفلتكم أيها المستغفلون.. لا سلام ولا تفاوض ولا قدس ولا توقف عن الاستيطان ولا دولة فلسطينية.
انتهي زمن المناورة والكلام الدبلوماسي واللف والدوران.. وجاء زمن الحقيقة والمواجهة والمصارحة.. لم تعد اسرائيل في حاجة إلي أن تتحدث بلسانين وبوجهين.. الوضع مناسب جدا والرياح مواتية.. ولم يعد هناك ما يخشي منه.
بعض المحللين يقولون ان شعب اسرائيل بانحيازه إلي اليمين العنصري المتطرف قد وقع بالكامل تحت تأثير المستوطنين المتشددين.. والحقيقة التي يتجاهلها هؤلاء ان ما يسمي بشعب اسرائيل كله مستوطنون متشددون.. لا يعرفون غير العنصرية والقتل والتخريب والسرقة.. كل ما في الأمر ان قادتهم السابقين كانوا أكثر ذكاء من نتنياهو.. كانوا يقتلون ويخربون وأياديهم في قفازات حريرية.. ولسانهم يقطر عسلا ليزيفوا الحقائق.. أما نتنياهو فلم يعد في حاجة إلي هذه الحيل.. حيث لم يعد أمامه خصم ولم تعد أمامه معركة.. هو يظن ان اللعبة انتهت.. وانه حقق النصر التاريخي الذي ليس بعده هزيمة.
وقد اعترفت صحيفة "هاآرتس" الاسرائيلية بأن الأغلبية الجديدة التي جاءت بها الانتخابات اختارت المواجهة.. واختارت ألا تري الفلسطينيين ولا تري المستوطنات.. وتركيبة الحكومة المتوقعة ستكون من الأصوليين والمستوطنين والمتطرفين القوميين والمتزلفين.. وقد استطاع الساحر نتنياهو أن يقلب البلاد المحبوبة ويجعلها محروقة.. ان انتصار نتنياهو ليس خطيئة بل عقاب علي اننا كنا لا مبالين ومغرورين.. عقاب علي اننا كنا سطحيين وفارغين.
وكشفت صحيفة "التايمز" البريطانية عن سر فوز نتنياهو للمرة الثالثة علي التوالي قائلة ان عودة نتنياهو إلي السلطة للمرة الرابعة في تاريخه لم يكن مفاجأة.. فقد لعب في الأيام الأخيرة علي كارت الخوف والأمن لدي الناخب الاسرائيلي وحذرت حملته الانتخابية من أن يسار الوسط سيقدم تنازلات للإرهابيين.. وان كل شبر ستتركه اسرائيل سيقع في أيدي التنظيمات الاسلامية الارهابية وذلك من منطلق "إما أن نحكم أو تواجهون الإرهاب".
وأضافت "التايمز" ان دعاية حزب الليكود الانتخابية تبنت استراتيجية التخويف والترهيب.. وأشاعت ان نتنياهو يتعرض لمؤامرة داخلية وخارجية بسبب حبه وغيرته علي دولة اسرائيل.. وحتي الولايات المتحدة لم تسلم من حملة التشويهات التي قادها الحزب.. حيث اتهم أمريكا بشن مؤامرة ضد نتنياهو وحاولت الإطاحة به من خلال التمويل لبعض الجماعات.. وأشارت الصحيفة إلي أنه "يبدو ان الادعاء بأنه يتعرض لمؤامرة كبيرة لإسقاطه تشارك فيها أطراف دولية وعربية وفلسطينية قد نجحت في تحقيق أهدافها".
علي الجانب الآخر خرج صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ـ وهو بالمناسبة كبير المفاوضين علي مدي السنوات الماضية منذ أوسلو 1992 ـ ليعلن ان عملية السلام قد انتهت بالفعل.. مؤكدا ان الشارع الاسرائيلي قد صوت لدفن عملية السلام واستمرار الاستيطان وتصعيد الصراع.
والآن.. حماس تتحدث عن حرب وشيكة في غزة.. والسلطة الفلسطينية بلا صوت.. وأبو مازن اختفي من المشهد.. والعرب جميعاً مشغولون أو متشاغلون عن قضيتهم الأولي.
يا لها من كارثة!!