البديل
محمد سعد عبد الحفيظ
«دواكش» و«دواعش» في وزارة عبد الغفار
“نسيتوا الشهريات اللي كنتوا بتخدوها”، والجملة بين الأقواس وجهها محمد حافظ أمين، الشهير بـ”الدكش”، زعيم أخطر عصابة لتجارة المخدرات بـ”المثلث الذهبي”، عقب إلقاء القبض عليه في مارس الماضي، للسادة البهوات أعضاء الحملة الأمنية التي تمكنت من ضبطه.

كلمات الدكش ضربت “كرسي في كلوب” الفرح الذي أقامه السادة الضباط، بعد القبض على زعيم العصابة المتهم بقتل زملائهم، فتوقف “ضرب النار”، وتهليل وتكبير الأفراد، ونظر القادة إلى بعضهم بعضا، وانقبضت قلوبهم، وطائر الشك يرفرف حول رؤوس الجميع، الكل صار متهما، الدكش “نكد عليهم” وأفسد الفرح و”قلبه” ميتم.

بعد أيام قليلة، تسللت معلومات من وزارة عبد الغفار، إلى الصحف عن تورط عدد من ضباط الشرطة، في إمداد عصابات المخدارت في القليوبية بمعلومات سرية عن مواعيد وتحركات القوات المكلفة بمداهمة أوكارها، وهو ما تم نفيه بشكل قاطع من الوزارة، حتى تسربت تحقيقات النيابة مع الدكش وعناصر عصابته إلى الإعلام، فقطعت الشك باليقين وتم اتهام 27 ضابط أرشد عنهم زعيم العصابة، وذكر أنهم كانوا يتلقون رواتب شهرية منه نظير إمداده بالمعلومات.

ما جاء في تحقيقات النيابة دفع “الداخلية” إلى توزيع بيان “غسيل سمعة”، تؤكد فيه أن قطاع التفتيش بالوزارة يجري تحقيقات، مع بعض الضباط المتورطين بالتواصل والتخابر مع عصابات الإجرام والمخدرات في المثلث الذهبي.

تحقيقات الوزارة أشارت إلى تورط لواء في تقاضي رشوة مالية 3 ملايين جنيه لغض الطرف عن أعمال البلطجة وصفقات المخدرات وإخبار العصابات بموعد الحملات الأمنية.

فضيحة تورط رجال عبد الغفار مع تجار المخدرات والبلطجية في القليوبية، كشفتها الظروف فقط، فلولا مقتل قوة أمنية في الخانكة على يد عصابات المخدرات، لاستمر التعاون “المثمر” بين رجال القانون والمجرمين، دون أن تعكر صفوه تحقيقات وبيانات وفضائح ونشر.

صباح الأحد الماضي، استيقظت مصر على خبر استشهاد ضابط و7 أفراد شرطة، كانوا في طريقهم لتنفيذ عملية سرية في حلوان، المجموعة تم الإيقاع بها رغم ارتداء أفرادها ملابس مدنية واستقلالهم سيارة أجرة مدنية، وهو ما آثار العديد من علامات الاستفهام، فكيف عرف الجناة هوية القوة الأمنية؟، وكيف حددوا خط سيرها؟ وتوقيت خروجها من القسم، وهل هناك من أرشد عن الشهداء، بأي دافع.

في ذات مساء عملية الاغتيال، كشف مصدر أمنى لجريدة الوفد عن تورط 5 ضباط، برتبة ملازم أول، فى الجريمة التي أعلنت مجموعة تابعة لـ”داعش” مسؤوليتها عنها، وقال المصدر إن الضباط الخمسة سبق أن رفضوا المشاركة في فض اعتصام رابعة العدوية عام 2013، وقاموا خلال عملية الفض بسحب الذخيرة من الجنود، وصدر بعدها قرار من “الداخلية” باستبعادهم من العمليات الخاصة، مشيرا إلى أن هؤلاء الضباط انقطعوا عن العمل قبل حادث حلوان بأسبوع، وأنهم تركوا رسائل لتوديع أسرهم قبل انقطاعهم عن العمل.

“الداخلية” كالعادة سارعت بنفي خبر “الخيانة”، لكن التحقيقات مازالت مستمرة، ومن المتوقع أن تتكشف في الساعات المقبلة خيوط جديدة عن القضية، وليس من المستبعد خروج الوزارة ببيان ينفي بيان النفي.

حادثا “المثلث الذهبي” و”حلوان” كشفا أن وزارة عبد الغفار مخترقة، وأن الوزير ترك وزارته للمرتشين والهليبة والمتطرفين يرتعون فيها ويسلمون شرفائها إلى “الدواكش” و”الدواعش”، تفرغ لمواجهة المتظاهرين وغض الطرف عن تنظيم “الحواتم” ليستبيح دماء المواطنين في حالات “فردية” تتكرر بشكل يومي.

لم يجرؤ نواب برلمان عبد العال، على توجيه سؤال أو طلب إحاطة إلى وزير الداخلية، يتهمونه فيها بالتقصير والمسؤولية السياسية عن استشهاد رجاله، السادة النواب الذين اتهموا الصحفيين بمحاولات هدم الدولة، لم يفتح أحد منهم فمه لمعرفة مصير التحقيقات التي كشفت تورط ضباط كبير في إفشاء معلومات لعصابات المخدرات رغم تأكيد الوزارة.

السادة النواب معذورون، فمن منهم يجرؤ على مناطحة الرجل الذي ختم على جواز مروهم إلى المجلس، والوزير معذور، فنظام “شبه الدولة” وضع الأمن السياسي ومواجهة المتظاهرين السلميين واقتحام النقابات وحبس الصحفيين بمذكرات تحريات “مضروبة”، على أولوية أجندته، في المقابل، تراجع وبشكل فادح الأمن الجنائي والاجتماعي، وهو ما ينذر بانهيارات غير مسبوقة سندفع جميعا ثمنها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف