مؤمن الهباء
شهادة .. مفاجآت سد النهضة
* فجأة.. وبدون مقدمات.. نكتشف أن أزمة سد النهضة قد أوشكت علي الانتهاء.. ويقول لنا وزير الري الجديد د. محمد عبد العاطي في أول تصريح له عن السد بعد عدة أسابيع من توليه منصبه إن اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية الوطنية الأخير بأديس أبابا بين مصر والسودان وأثيوبيا ¢قد أثمر عن تقارب ملحوظ في وجهات النظر للوفود التفاوضية ما يمهد لاستئناف الدراسات الفنية لتقييم تأثيرات سد النهضة¢.. صحيح أن الوزير لم يوضح في أي شيء كان هذا التقارب وآثر أن يكون تصريحه المتفائل غامضا مع علمه بأن الرأي العام في مصر صار علي معرفة كاملة بنقاط الخلاف.. إلا أن مجرد شعور الوزير بالتفاؤل سوف يدخل السرور والبهجة علي نفوسنا.. ويرد كيد المشككين وهواة الصيد في الماء العكر في نحورهم.. لأنهم بصراحة صاروا موضة قديمة.. وقد فاتهم القطار.. فمازالوا يتهمون أثيوبيا بالمماطلة والرغبة في استهلاك الوقت إلي أن تنتهي من بناء السد العام القادم.. وتضعنا أمام الأمر الواقع.. بحيث لو أظهرت الدراسات الفنية أي تأثيرات سلبية للسد علينا فلن يكون في الامكان تغيير أي شئ.. أي شيء.
* وفجأة.. وبدون مقدمات.. اكتشفنا أن د. علاء ياسين مستشار وزير الري للسدود وعضو اللجنة الثلاثية الوطنية لدراسات سد النهضة قد استقال من عضوية اللجنة التي تفاوضت في أديس أبابا.. واعتذر عن المشاركة في المفاوضات بشكل نهائي.. كما قدم استقالته من منصبه كمتحدث إعلامي رسمي عن ملف سد النهضة دون إبداء أسباب.. في ظل التعتيم الكبير الذي فرضه وزير الري الجديد علي ملف سد النهضة والمفاوضات.. أملا في أن ينساه الناس تماما مع الزمن.. وقد اكتفي د. علاء ياسين بالقول لصحيفة الأخبار يوم الأحد الماضي إنه قام بواجبه الوطني والعلمي علي أكمل وجه خلال الفترة الماضية.. وانه يتمني لفريق المفاوضين الوطنيين التوفيق.. مشيرا إلي أن الفترة المقبلة تتطلب تضافر الجهود للتغلب علي التحديات التي تواجه مفاوضات سد النهضة.
* وفجأة.. وبدون مقدمات.. نكتشف أن سد النهضة لن يؤثر بأي حال من الأحوال علي حصة مصر في مياه النيل.. وأن المشكلة كانت في إدارتنا للملف.. والجهل الذي تعامل به عدد من المسئولين في تضخيم الأمر.. وإظهاره بأنه سيعرض مصر للعطش..ليست أثيوبيا هي التي قالت ذلك.. وإنما الدكتور محمد بهي العيسوي عضو المجلس الاستشاري التابع لرئاسة الجمهورية فيما نقله عنه كاتبنا الكبير الاستاذ محمد فودة في مقال بالشقيقة ¢الجمهورية¢ يوم السبت الماضي.
* وفجأة.. وبدون مقدمات.. نكتشف أن مصر أخطأت بعدم التحرك القانوني في سد النهضة.. وأنها تماشت مع الجانب الاثيوبي بحسن نية في الوقت الذي أعطي لها القانون الدولي الكثير من الصلاحيات للاعتراض علي بناء السد.. هكذا أكد الدكتور مساعد عبد العاطي خبير القانون الدولي في مداخلة هاتفية علي إحدي القنوات الفضائية نقلت مضمونها صحيفة ¢الدستور¢ يوم الأحد الماضي.. وأضاف الدكتور مساعد أن المسار القانوني مازال ممكنا لمصر.. ومن حقها اتخاذ جميع الخطوات القانونية ضد تنفيذ السد.. مشيرا إلي أن مصر ناقشت الاطار القانوني والتباحث في كيفية الاستفادة القانونية في حال رفض اثيوبيا التفاوض واستمرت في لعبة اضاعة الوقت.
* بقي أن أقول إن كل المفاجآت التي أثيرت حول سد النهضة مؤخرا ليست مطمئنة.. بالعكس هي تعطي إشارات سلبية.. والناس تعبت من المفاجآت.. تكفينا جدا مفاجأة جزيرتي تيران وصنافير والضجة الكبري التي أحدثتها ومازالت توابعها ممتدة.. ارحمونا من المفاجآت.. الوضوح والشفافية أفضل ألف مرة.. وإشراك الرأي العام في كل خطوة من الخطوات التفاوضية يحافظ علي تماسك الجبهة الداخلية.. ويعطي المفاوض قوة أمام الأطراف الأخري.
هناك من ينظر إلي هذه المفاجآت علي أنها مجرد تخدير للرأي العام حول القضية.. وهذا أمر مرفوض تماما.. أما إذا كانت وزارة الري صادقة.. ولديها ضمانات قاطعة بأن حقوقنا المائية في أمان ولن تتأثر فالواجب أن تعلن ذلك صراحة.. كي نطمئن كما اطمأنت ونهتف بحياتها.