أحمد سليمان
في حب مصر .. مصر تقود الدنيا
نعم هو موقف مؤقت لن يستمر أطول من شهر مايو الحالي فقط . ولكني لا أستطيع وصف سعادتي وأنا أري وزير خارجية مصر يقود الجلسة الوزارية لمجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب والتطرف أمس. وهو المشهد الذي يعني بكل صراحة ووضوح وواقعية أن مصر الآن تقود دول العالم في هذه المؤسسة التي ترأس العالم منذ نشأتها.
تابعت الجلسة التي فرضت فيها مصر سياستها وأسلوبها في السياسة الخارجية واستراتيجيتها في مناقشة القضايا الملحة التي حملت مصر مهمةعرضها بمنتهي الأمانة أمام دول العالم الأعضاء في هذا المجلس.
في بداية الجلسة أراد سامح شكري وزير الخارجية تذكير العالم كله بضحايا الإرهاب من أبناء الجيش والشرطة المصرية بدعوته الحاضرين للوقوف دقيقة حداداً علي أرواح شهداء الإرهاب في العالم . ثم كانت عبارته التي أعتبرها مفاجأة للحاضرين علي الرغم من علمهم بحقيقتها . ولكن لم يكن يجرؤ أحد علي البوح بها غير مصر بقوتها ومكانتها . هذه العبارة هي "هناك قوي إقليمية ودولية تتوهم أن الإرهاب يخدم مصالحها السياسية".. يقصد طبعاً الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران وقطر وتركيا.
تطرق الوزير الجرئ سامح شكري الذي كان خير ممثل لمصر في هذا المحفل الدولي إلي الأسباب الحقيقة للإرهاب ومنها ظاهرة الإسلاموفوبيا التي ــ كما قال ــ تساعد علي انتشار الأفكار المتطرفة وتزايد انضمام الشباب للتنظيمات الإرهابية. وهنا قال إن الجماعات الارهابية تستغل مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أفكارها وأن استغلال هذه الجماعات للطفرة التكنولوجية هو أهم الأسباب التي تساعد علي تحقيق مآربهم ونشر أفكارهم . ثم عرض وجهة نظر مصر في هذه النقطة تحديداً عندما طالب بضرورة إعادة النظر في بند "حرية التعبير" التي يقيم العالم الغربي وفي مقدمته الولايات المتحدة الدنيا ولا يقعدها بسببها. والتي أثبت الواقع أنها أحد أهم أسباب انتشار الإرهاب. فحرية التعبير ليست مطلقة ولكنها محددة بما لا يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
لم ينس الوزير المصري أن يعيد لذاكرة العالم أهم قضية تشغل الفكر العربي والسياسة المصرية وهي القضية الفلسطينية فقال وزير الخارجية : "مخطئ من يظن أن مرور الزمن أو اندلاع صراعات أخري سوف ينسينا القضية الفلسطينية أو القبول بفرض تسوية ظالمة لا ينعم الفلسطينيون خلالها بحقوقهم كسائر الشعوب".
تحدث الوزير أيضاً عن ضرورة رفع المعاناة عن الشعب السوري وإنهاء معاناة إفريقيا من الإرهاب. وهما القضيتان اللتان حملت مصر لواء فرضهما علي مناقشات مجلس الأمن الدولي خلال رئاستها لجلساته.
وفي الجلسة نفسها تحدث الشيخ محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية التابع لمؤسسة الأزهر الشريف قائلاً : "إن شباب الجماعات الإرهابية يحركهم الحماس الحاد دون معرفة بالإسلام الصحيح. وأكد أن الدين الإسلامي الذي دعا للرفق والرحمة بالحيوان هو أكثر رحمة بالإنسان. وحينما يتحول الدين إلي الاعتداء علي الأرواح والممتلكات يتحول إلي الإرهاب".
قال الشيخ محيي الدين عفيفي أيضاً إن 40 ألف طالب وطالبة من 130 دولة حول العالم يدرسون في الأزهر فكر الإسلام الوسطي والمعتدل واحترام التعددية وقبول الآخر. وكشف للحاضرين عن وجود مرصد الفتاوي التكفيرية التابع للأزهر الذي يصدر بلغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والصينية والإيطالية وغيرها.
إن يوم أمس "الحادي عشر من مايو" كان بحق يوماً مشهوداً للسياسة الخارجية المصرية الناجحة التي جعلت مصر فعلاً "قد الدنيا". بل و"تقود الدنيا" بسياسة تحظي باحترام الجميع لأنها مبنية علي المصارحة والمكاشفة دون خوف من قوة عظمي أو قوي إرهابية.