الوطن
أمانى هولة
ما بنخافش.. حكايات وطن (68)
الخوف.. شعور لا إرادى ينتاب الإنسان أحياناً كأحد مقومات غريزة حب البقاء.. قد يزيد ويقل من شخص لآخر طبقاً لسماته الشخصية وتربيته وبيئته.

والطبيعى أن يكون للخوف معطيات ومقومات تزيده أو تقلله فكلنا نمر بشىء منه على اختلاف أسبابنا، فنحن نخاف من بعض الأشياء، ونخاف كذلك على بعض الأشياء.. وهو شعور غير حميد فى معظم أوجهه إلا مخافة الله سبحانه وتعالى، .

والحقيقة أننا نعانى من مخاوفنا أكثر كثيراً من قدرنا.. فالموت قدر يحدث فى لحظات، لكن الخوف من الموت هو ما يرافقنا طول حياتنا ويجعل انتظاره مؤلماً ربما أكثر منه..

والمثل الشعبى يقول: (من خاف سلم).. ولكن تفاجئنا الحياة بنماذج تتحدى تلك الحكمة الفطرية، وتقاوم تلك النقيصة البشرية.. الخوف.. وتنتصر عليه فى ملاحم إنسانية بسيطة تشى لنا الحياة أحياناً ببعضها.. وتضن بأكثرها لتظل أيقونات تنير لنا الطريق حتى دون أن ندرى..

■ خرجت ثعابين الجحور بلا حياء يقتلون أبناءنا فى سيناء، مدججين بأسلحة جيوش الظلام من كل بقاع الأرض، فتجد خير أجناد الأرض ثابتين متحفزين للقيام بواجبهم، وكلما رحل رفاقهم نزعت مخالب الخوف من قلوبهم، وتأججت مشاعرهم أكثر للشهادة.. ويتهافت المطالبون بنقل خدمتهم إلى أرض المعركة بكل شجاعة فى تحدٍ لأقوى عدو.. الخوف

■ يموت ابنها المجند البسيط قبل أن يزهر ربيع أيامه، فلا تجدها محتسبة صابرة فقط، بل عفية صامدة تصيح بشجاعة ترهب الرجال (خدوا التانى علشان ما تنقصوش واحد).. فى تحدٍ لأقوى عدو.. الخوف.

■ يرى أحد معاتيه البحث عن حور العين فى عالم وهمى زينته له شياطين الإنس بعد أن لفظته الحياة وقد فخخ نفسه ليقتل جنود الوطن فى كتيبتهم.. فيحتضنه بجسارة ويجرى به لينفجر بعيداً عن الرفاق.. وقد استطاع ليس فقط أن يواجه، بل ويحتضن أقوى أعدائه.. الخوف.

■ يزرعون نبتاً شيطانياً يحصد الأرواح بلا خجل فى جنح الظلام.. بقنابل الخيانة تقتل الأبرياء فى الطرق.. فتصبح مساندة أبطالنا، وهم يخاطرون بحياتهم لفك طلاسمها الملعونة، احتفالية وطنية بدعوات من القلوب الطيبة.. تنتهى بزغاريد وفرح ورقص أيضاً.. وتسلم الأيادى.. إنه تحدٍ آخر له بوجهه القبيح...الخوف.

■ يقتلون رفاقه فى قسم الشرطة أو أثناء الدورية أو حتى فى كمين بلا عقل أو ضمير.. فيرتدى زيه العسكرى.. يقبل ابنته ويودع أمه وزوجته كل يوم.. وهو يدرك كما يدركون هم أنها قد تكون المرة الأخيرة.. ليواجه كل يوم بابتسامة عدوه الأقوى.. الخوف.

وتتوالى السيناريوهات القبيحة.. افتعال أزمات والترويج لإشاعات وتسخير جيوش إلكترونية لتشويه الحقائق بدءاً من أزمة الجزيرتين ومحاولة اختبار هيبة الدولة بنقابة الصحفيين.. وصولاً لمسلسل الحرائق.. لعبتهم القديمة.. حيث يشعلون نيران أحقادهم كخفافيش الظلام بلا ضمير كما اعتادوا طوال تاريخهم الموصوم.. لا يدركون أنهم بخستهم يحرقون آخر جسور المغفرة مع أبناء وطنهم الذين ساندوهم كثيراً، ومنحوهم الثقة والدعم، فخانوا الجميع حتى أنفسهم.. لتظل دعوات الغلابة الذين فقدوا قوت يومهم.. تطاردهم فى الدنيا إلى أن تتحقق العدالة السماوية، «وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين»، وهم يعتقدون بسذاجتهم الإجرامية أنهم لن ينكشفوا..

فلتحرقوا ما شئتم، فستنطفئ النار غداً.. وسيأتى يوم جديد أما نار أحقادكم، فستظل تأكلكم وتنهش قلوبكم كما تفعل كل يوم فأفضل عقاب لكم هو جهنم التى نصبتوها لأنفسكم.

وكما قالها سيادة الرئيس هنالك من وسط حقول الخير التى زرعها معبراً عن كل المصريين.. فكانت أجمل حصاد فى كلمة واحدة نمارسها كل يوم ببساطة وعفوية فى تحدٍ لذلك العدو القبيح.. ما بنخافش.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف