لن يكون التجديد في الخطاب الديني مكتملاً. دون أن يكون الداعية مثقفاً ثقافة واسعة. واعياً لما يقرأ. محباً لمهنته قادراً علي متابعة كل جديد في علم النفس والاجتماع. ملماً بالآيات القرآنية التي لها صلة بالموضوع الذي يتناوله. قارئاً للأحاديث الصحيحة يستشهد بها وينبه إلي الأحاديث الضعيفة. ويحذر مستمعيه منها. عالماً بما وضعه النُسَّاخ والمغرضون في ثنايا كتب التراث. يلقي الضوء الكاشف علي محاولات الضعفاء والجُهال. وما تسوله لهم عقولهم القاصرة أو المريضة.. لن يكون التجديد في الخطاب الديني مكتملاً ومفيداً لدي المستمعين ما لم يبتعد الداعية عن إيراد أفكار تسبب للمستمع قلقاً وشكاً وارتكاناً علي معلومات مغلوطة تتنافي والعقل الذي يعتز به الإسلام. ويحثه علي التفكير والتدبر. وإعماله للوصول إلي كشف وجه الحق فيما يسمعه ويوجه إليه. ويتعين علي الداعية حتي يتمكن من تقديم الإسلام إلي مستمعيه منزهاً مُصَفَّي أن يقرأ كل ما تقع عليه يده من كتب إسلامية حديثة لأمثال العلامة "محمد الغزالي. والإمام محمد أبوزهرة. والإمام محمود شلتوت.. والمفكر مالك بن نبي. والأستاذ خالد محمد خالد" بالإضافة إلي كتب التراث التي كونت الحضارة الفكرية الإسلامية. وجمعت بين دفتيها علماً واسعاً بذل فيه الأجداد جهداً جباراً حتي تركوا لنا تراثهم الإنساني. الذي تفخر به الأمة الإسلامية. لن نذكر كتباً بعينها وإنما نطلب من قارئها أن يكون ذا عقل ناقد ينتقي المعلومة التي يجب إبرازها وتبليغها. ويضع الأخري التي تثير في نفوس الناس بلبلة وشكاً وقلقاً. أو تغير نظرته من الإيمان إلي الشك. ومن البحث عن المعلومة العاقلة إلي نماذج من الخرافات التي يتناقلها أنصاف المثقفين أو مثيرو الفتنة والتشكيك.
في التجديد للخطاب الديني مهام عظيمة ثقيلة يتحملها الداعية. ويسعي إلي تحملها وهي عرض الإسلام المصفي الذي يخلو من إشغال العقول ببعض ما يثير الشكوك ويشعل الفتن وينشر الخرافات. وعلي سبيل المثال تهويل العذاب يوم القيامة علي أي أمر. مهما كان صغيراً. وتعظيم الثواب لفعل لا يستحق ذلك التعظيم. واللجوء إلي كتب الترغيب والترهيب. التي تذكر أن وادياً في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً. وأن المال يُدخل صاحبه الجنة بمشقة كبيرة. أو حبواً كما قيل عن سيدنا عبدالرحمن بن عوف. وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة. متناسين في ذلك أن الأغنياء هم الذين جيشوا الجيوش أيام الرسول "صلي الله عليه وسلم" وهم الأسبق إلي الجنة بما يقدمونه إلي الأمة من أعمال عظيمة تعمر الكون. وتحقق النصر.
من ثم يتعين علي الداعية أن يكون مبشراً في دعوته حاثاً للناس في عمل الخير موضحاً مكانة الإنسان في الإسلام وتكريمه بالعقل. وأن السلام هو شعار الأمة. وتحيتها التي يبذلها الناس للناس.