عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. وهل يستحق المخالف.. تعويضاً؟
أكثر من رأي جاءني تعقيباً علي مقالاتي عن إزالة المباني التي أقيمت بالمخالفة للقوانين.. أبرزها حول: من يدفع تعويضًا لمن أزيلت عمارته أو بنايته التي أقامها- سواء علي حرم نهر النيل، أو أراضٍ مملوكة للدولة.. نقول ذلك لأن كل هؤلاء استغلوا فترة ضعف السلطة، أو هوجة ما بين الثورتين، ولكن أخطر هذه المخالفات هي تعلية المباني القائمة بإضافة طوابق لا تتحملها أساسات المبني، وبالذات في مناطق مميزة أو مدن مميزة، كما هو الحال في مدينة الإسكندرية وغيرها.
<< والبعض يري أن لهؤلاء حقاً في الحصول علي التعويض المالي.. وربما تدبير أراض أخري لهم، تعويضاً.. هنا أرفض هذا الرأي، وبشدة.
ذلك أن المخالف استغل ظروفًا طارئة ليرتكب جريمته.. وهي ليست مجرد البناء علي أرض ليست ملكًا له.. ولكن أيضًا لأنه لم يراع حياة الناس وظروفهم.. فأقام ما شاء، دون مراعاة حتي لاشتراطات البناء التي يجب أن تشمل سلامة السكان.. وسلامة المشاة أيضاً بجوارها!
<< بل إنني أطلب، أيضاً، عدم التصالح مع هؤلاء.. ولو دفعوا مال الدنيا مقابل عدم الإزالة، فلا أحد يسمح بكوارث انهيارها، وهي جديدة فوق سكانها.. وان من استغل ظروف غياب الأمن بين عامي 2011 وحتي عام 2015 لا يجب التسامح معه.. وأيضًا الذين استغلوا تراخي يد السلطة قبل يناير 2011 بحجة ان الظروف الأمنية لا تسمح بمعاداة الناس.. حتي وإن كنت أري إلزام الذي أضاف أدوارًا فوق عمارته- طلباً للربح- بأن يقيم في نفس العمارة.. ليكون له نصيب فيما يمكن أن يقدر له.. لو انهارت العمارة!
<< إنني كلما ذهبت للإسكندرية وشاهدت الأبراج التي أقيمت بالذات علي مدي امتداد الكورنيش من المنتزه إلي ما بعد مسجد أبي العباس المرسي.. بل وأيضاً في المناطق الخلفية في الأحياء الجديدة خلف المندرة والعصافرة بدعوي ان ارتفاعها يسمح لها برؤية البحر- وهو حلم أي إنسان: أن يري البحر! والمتر فيها يقترب الآن من 8000 جنيه للمباني، أي مبان أقيمت بهدف الربح، ليس إلا!
ولقد رفضت- ومن سنوات- فكرة أو مبدأ التصالح مع هؤلاء حماية للناس، وأيضاً محافظة علي مواد البناء وعلي أعمال الإنشاء.. وكذلك بسبب الضغط علي البنية الأساسية من مياه وصرف صحي وكهرباء وطرق وغيرها بعد أن ثبت لنا ان الاستثمار العقاري هو الأعلي الآن في مصر.
<< بل إنني- وبالذات في قضية البناء علي أرض الدولة أو حرم نهر النيل- لا أرفض فكرة تعويض من أزيلت مبانيهم، بل أري أيضاً ضرورة فرض غرامات مالية وإدارية عليهم.. وهذا هو نفس المنطق الذي يأخذ به القضاء المصري، عندما يحكم برد مبالغ الرشوة.. ثم أيضًا إلزامه بدفع مبلغ معادل له، عقوبة علي جريمته.. فلماذا لا نأخذ بهذا المبدأ في مخالفات البناء: تعليته دون ترخيص، أو بناء علي أرض الغير.. أو علي النهر الذي هو ملك لكل المصريين.
<< لقد زادت مخالفات البناء المخالف- بكل أنواعها.. ولا سبيل لإيقافها إلا بالإزالة.. وأيضاً مع الغرامة المالية.. ونعترف بأن معظم العشوائيات في حياتنا هي بسبب البناء المخالف.. وأيضاً عدم تفعيل قانون التخطيط العمراني، لأن ذلك سمح لنا بوجود أحياء ومناطق سكنية عشوائية بلا أي شوارع.. وبما تمثله من ضغط علي كل المرافق.
<< لا تخضعوا لعواطفكم حتي تستعيد الدولة هيبتها.