الأخبار
محمد فتحى
في العضل .. مقال من دبي
لست من هواة المبالغات، لكن دبي تحولت مع مرور الوقت إلي نموذج ملهم في العالم العربي..

حسنا.. هذا هو منتدي الإعلام العربي في دورته الخامسة عشرة، وهذه هي جائزة الصحافة العربية، بوليتزر العرب كما يحلو للبعض أن يصفها، ومن السهل الدخول معك في الجدل القديم حول دبي، وما إذا كان ما وصلت إليه بفضل الإمكانات، أم بفضل إدارة محمد بن راشد وشبابه، فالأكيد أن الفلوس موجودة في العديد من دول العالم العربي، لكنها لم تصنع ما صنعته دبي، ولم تتحول لواحة مبادرات وإنجازات وبلد لا توجد بها جريمة منظمة، وتتعامل وفق مبادئ علوم الحوكمة، إذ تعتبر أن هدفها الأساسي هو إسعاد الناس، لدرحة تعيين وزيرة للسعادة، ما إم تسمع حديثها وأفكارها حتي تدرك لماذا تختلف دبي، وليس في المقال أيضا أي مقارنة من الممكن أن نعقدها مع دبي في ظروفنا وأحوالنا الحالية، بقدر ما يجب أن ننظر للتجربة، وكيف تحولت الرؤية إلي آليات عمل ثم إلي إنجازات يلمسها المواطن قبل الزائر أو السائح الذي يشعر كل مرة أن هناك شيئا جديدا تغير ومبادرة جديدة تم تنفيذها..

لكن عفوا.. لن أتحدث عن كل ذلك..

سأتحدث عن (نقاش المؤثرين) الذي دعيت له مع 99 شخصا من العالم العربي للتفكير والعصف الذهني حول موضوع واحد عنوانه الكبير : الإيجابية. كيف نجعل الشباب العربي إيجابي؟

مبدئيا، طرح هذا الموضوع مثلا في مصر في مثل هذا الوقت سيجلب لصاحبه الشتيمة، إذ سيتعامل متطرفو الجانبين وأوركسترا الهيستريا السيمفوني بشئ من السخرية أو التشكك. إذ يكفي أن يلقي البعض بقنبلة دخان مفادها أن طرح الأمر لتخدير الشباب، وجعل الناس تنسي ما يحدث مما يسميه البعض انتهاكات. سيقول أحدهم إيجابية إيه والشباب محبوسين والداخلية تلقي القبض علي أطفال الشوارع فتصنع منهم أبطالا وتصنع للنظام فضيحة لا تختلف عن ادارة ازمة الصحفيين التي تلقينا بسببها امس انتقادا من اللي يسوي واللي مايسواش في الامم المتحدة، وليس وصولا إلي سلسلة حرائق أجاد البعض تسويقها لتبدو وكأن (مصر بتولع)، بل تعدي الأمر ذلك إلي مقارنة ما يحدث بحريق القاهرة، ومع مد الخيط علي استقامته ستبرز مشكلات أخري في الإعلام مثلا، وفي الصحة، وفي التعليم، بل وفي إدارة الملفات بشكل عام وسط مناخ متشكك أو محبط أو ناس تري بعين واحدة، مما يؤدي بالبعض لترويج مصطلح انشروا الإيجابيات إلغاء لأي عين تري السلبيات، وكأننا محكوم علينا ألا نري سوي بعين واحدة، وكل حسب اتجاهه.

لا أريد أن أقلب عليك المواجع، فالبلد فيها عمل وفيها أمل وفيها إنجازات لكن فيها سلبيات وفيها إحباطات وإخفاقات وبدلا من تشكيل توقعات الناس بطريقة منصفة، نتجه جميعا إلي هاوية سيلغي فيها الرأي الآخر أيا كان. معلش.. آسف.. نرجع دبي، البلد الذي انتهي منه النفط، والتي أكدت أنها لم تعد تعتمد عليه في اقتصادها هي وكل الامارات العربية المتحدة التي تعتمد فقط علي 30 % من عائدات النفط، وبالتالي، لم تتأثر كثيرا بانخفاض أسعاره.

نعود إلي نقاش المؤثرين كفكرة يجب أن نطرحها، فمن المؤثرين كتاب ونشطاء وشخصيات عامة وصحفيون ومستخدمو سوشيال ميديا يجب أن تلتف حولهم الدولة لتسمعهم، كما يجب أن تحترم قادة الرأي وتحتويهم حتي لو عارضوها أملا في الوصول إلي نقطة التقاء، وإدراكا أن اختلاف الطريقة لا يجب أن يشتتنا عن الطريق الوحيد الذي يجب ان نمشي فيه جميعا وهو إعادة بناء الدولة المصرية..

لا أخجل من إعلان استفادتي من كل زيارة أزور فيها دبي وأري الجهد المبذول مثلما لن أمل من المطالبة بتنفيذ ما يطرحه المؤثرون في مصر، واحترامهم، والتذكير بأن لدينا ما يسمي بمجلس علماء مصر، وأغلبهم مستشارون دول، لكننا لم نستفد منهم، ولم نعرف ماذا طرحوا في اجتماعاتهم، ولماذا تأخر ظهور إنجازاتهم..

المؤلم في الموضوع أننا في نفس المساحة طالبنا مرارا وتكرارا بوجود صانع الالعاب المتهر صاحب الكفاءة في كل مؤسسة بعيدا عن سيطرة الروتين وتعقيدات الفساد، بل وطالبنا بإعادة هيكلة لمؤسسات الدولة تقوم علي وجود (أبو تريكة) في كل مؤسسة لتقوم بعملها كما يجب بدلا من كم (القلش) الذي يضيع الأهداف، و(القلش) الذي يضحك الناس علينا..

أما المؤلم أكثر، فهو أن هناك بالفعل عملا يجري علي قدم وساق، لكنه يظل في الكواليس ولا يخرج للناس، فأين المشكلة إذن...

هذه المقالة قد يبدو مكررا، لكنه ليس كذلك.. هناك تجربة إدارة ناجحة في دبي اعتمدت علي صناعة الإنسان، فاستحقت التميز، وهناك محاولات تجري في مصر يضيعها أنصاف وأرباع المسئولين وذوي العقليات القديمة الذين يظنون أنهم يبلون بلاء حسنا، وأن ما يفعلوه لخدمة الوطن وإنقاذه، بينما هم (بيلبسونا في حيطة)..

عموما.. ستبني دبي مبادرة لتفعيل الإيجابية لدي الشباب العربي خلال هذا العام، وإدماجهم في إدارة مجتمعاتهم بمبادراتهم وأفكارهم، بينما نحن سنظل بين يوم وآخر نبحث عن هؤلاء المقبوض عليهم لنضري كفا بكف، ونري في إعلامنا ما لا عين رأت فظاعة ولا أذن سمعت ركاكة ولا خطر علي قلب بشر مهزلة وانحطاطا وتخبطا وتراجعا وارتباكا..

شكرا نادي دبي للصحافة بقيادة واعية من مني أبو سمرة، وشكرا لباقي الفريق مهاب مازن وخالد جمال واحمد خالد وجاسم الشمسي ومروة ناصر وباقي فريق الشباب الذي يطير دبي الآن فيبقيها شابة ويدفعها للأمام ويجعلنا نكتب عنها بفخر
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف