صباح الخير
نبيل صديق
الدولار.. والغذاء.. والجوع!
الغذاء.. هو أخطر ضحايا انفلات الدولار ويتربع على عرش الآثار السلبية التى ضربت كل أركان المجتمع المصرى خاصة فى ظل تراجع إيرادات الدولار والعملات الصعبة فى ظل تراجع السياحة والصادرات وتحويلات المصريين من الخارج وقناة السويس، وأيضا فى ظل ارتفاع فاتورة الواردات بسبب تجاهل الصناعة التى ينهار أغلب قطاعاتها.
والغذاء خط أحمر.. الاقتراب منه يمثل خطورة على استقرار أى مجتمع، ومصر تستورد أكثر من 60% من احتياجاتها من الطعام والاستيراد يحتاج لعملة صعبة، ومع ارتفاع الدولار ارتفع أغلب السلع الغذائية، فمثلا مصر تستورد 60% من احتياجها من الفول، و90% من الزيوت، ومصر أكبر مستورد قمح فى العالم، والأرقام تقول إن متوسط إنفاق الأسر المصرية على الطعام والشراب نحو 50% من الدخل.
والجنيه المصرى فقد نحو 14% من قيمته بسبب انفلات الدولار، مما يعنى ارتفاع إنفاق الأسر على الطعام والشراب إلى 65% من الدخل، على حساب بنود أخرى من الضروريات مثل العلاج والتعليم وغيرهما، هذا كله سيؤدى إلى زيادة الضغوط على الأسر المصرية، ووقوع آخرين فى دائرة الفقر، وأيضا سيؤدى ذلك إلى مزيد من التراجع والانكماش للطبقة الوسطى المصرية التى تعانى من أزمات متكررة منذ سنوات أدت إلى انحدار شرائح كثيرة منها إلى طبقة محدودى الدخل.
ومصر حاليا تعد مستوردا صافيا للغذاء، وتصنف كدولة عجز غذائى، وإن كانت تعد من دول العجز الغذائى منخفض الدخل، واستمرار استيراد نحو 60% من احتياجات الغذاء سوف يضعها دائما فى مهب الريح لمخاطر التقلبات فى أسواق الغذاء العالمية، وأيضا انفلات الدولار، وأيضا فى ظل جشع التجار، وكل سلعة غذائية فى السوق تسيطر عليها مجموعة من 5: 10 تجار يتلاعبون بالسوق والأسعار والمستهلكين فى ظل رقابة مستأنسة لطيفة، واستمرار الأوضاع الحالية يعنى مزيدا من التدهور فى مستوى معيشة المواطن وسيخلق مشاكل اجتماعية لا حصر لها، ولابد من إعادة النظر فى كل أوضاع السوق التى تدار بعشوائية وانتهازية! وأيضا إعادة النظر فى أوضاع الزراعة المصرية التى تعانى من ازدواجية وتفاوت تكنولوجى واقتصادى، حيث توجد مزارع واسعة ومتطورة، وبجوارها قطاع تقليدى وملكية مفتتة ومبعثرة، وهناك تفاوت بين الشمال والجنوب فى مستوى المعيشة والخدمات،. وأيضا ارتفاع نسبة السكان تحت مستوى الفقر، وتدهور مستوى الخدمات، مرورا بانتشار الأمراض الخطيرة، وتدهور المستوى التعليمى، والنسبة العالية للأمية، بالإضافة للغيبوبة الثقافية، وهناك تآكل وهدر فى الموارد الأرضية والمائية على نطاق واسع على أيدى الشريحة الصاعدة من البرجوازية الريفية، لهذا يجب إعادة النظر فى السياسات الزراعية المطبقة، ووضع سياسات تخدم احتياجات المجتمع.•
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف