جمال زهران
ضوء أحمر .. الإرهابيون والبلطجية.. يخترقون الداخلية.. ما العمل؟
تعتبر وزارة الداخلية من أهم الوزارات باعتبارها تتعامل مع المواطنين بشكل مباشر ويومي وبلا انقطاع ولو للحظة واحدة، فهي الوزارة الوحيدة التي تعمل ٢٤ ساعة وفي الاجازات الرسمية هي مستمرة في العمل. ولذلك فكما أن إنجازاتها كبيرة، فأخطاؤها فادحة فهي الوزارة بعد الجيش، التي تمتلك وتحتكر أدوات القوة، وتمنحها للمواطنين وفقا لنظام تضعه هي في التطبيق العملي اكثر من نص القانون.. والمفروض اذا ان كل شيء داخل البلد تحت سيطرة الوزارة، فالحدود والجمارك والمطارات والجوازات وغيرها، تحت سيطرتها الفعلية، كما أن المعلومات في حوزتها.
تلك مقدمة مهمة تتعلق بهذه الوزارة السيادية، التي تعاني الدولة والشعب معا من الممارسات الخاطئة والفادحة للعاملين فيها، بل هناك تداعيات خطيرة علي مصالح الدولة حال غموض موقف الوزارة من قضايا لها صلة بالخارج المصري، ومثال ذلك قضية روجيني الإيطالي وتداعياتها الخطيرة علي حاضر ومستقبل العلاقات المصرية الإيطالية. ولاشك أن ظلال ممارساتها السيئة في عهد الرئيس حسني مبارك المخلوع، علي وجه الخصوص، وخاصة في عهد حبيب العادلي «صاحب المليارات التي اختفت فجأة وتمت تبرئته فجأة أيضا!» تركت آثاراً سيئة علي الوزارة، وكان يوم ٢٥ يناير ٢٠١١م موعداً لاندلاع الثورة إشارة إلي سواد صورة الوزارة لدي الشعب، الأمر الذي ظهر وكأن الشعب أصبح له ثأر مع الداخلية، ولذلك كان يوم ٢٨ يناير ٢٠١١م «جمعة الغضب» موعدا لإسقاط الدولة البوليسية، وحدث فعلا. ولذلك فإن ذكرنا بذلك، إنما نذكر بحتمية عدم العودة لهذه الممارسات مرة أخري، وحتمية التطهير الشامل لهذه الوزارة. ولذلك أقترح أن يكون يوم عيد الشرطة هو الخامس من ديسمبر عن عام ٢٠١٢م، وهو يوم أن تلقت الداخلية أمرا من الرئيس المعزول محمد مرسي «الإخواني» بضرب المتظاهرين عند الاتحادية، فرفض الوزير ذلك الأمر، وتولت ميليشيات الإخوان المهمة، لينتج عن ذلك شيئان هما الأول: ميلاد جديد لوزارة الداخلية في نفوس الشعب، بعد أن أعلنت عصيانها أمر رئيس الدولة لضرب الشعب، والثاني: بداية السقوط الإخواني لدي الشعب.
وناشدنا ودعمنا الداخلية ورجالها، منذ ذلك الوقت لتحسين علاقتها مع الشعب، وبعد تعيين وزير الداخلية الحالي «مجدي عبدالغفار»، طلبت باسم تحالف العدالة الاجتماعية «٢٥ يناير ـ ٣٠ يونيو» مقابلته والحديث معه، واتصل بي نائب رئيس جهاز الأمن الوطني للاستفسار عن سبب المقابلة، ودعاني لفنجان شاي، وذهبت وتناقشنا في أسباب الطلب، وعرضت فكرة إجراء الوزير لسلسلة مقابلات مع القوي السياسية لتكسير الفجوة دائما، والتشارك والمشاركة والحوار، لتكون القوي السياسية بوصلة للعمل وظهيرا شعبيا لهذه الوزارة المهمة. وقد أبدي نائب رئيس الجهاز، قبوله للفكرة ووعدني بدعمها لدي السيد الوزير، إلا أنه وبكل أسف لم يتحقق منها شيء، ولم تتم المقابلة!! علي حين التقي الوزير بسرعة مع مصطفي بكري ومرتضي منصور علي خلفية واقعة إعلامية، وليس لأحدهما آنذاك أي صفة سياسية!
وعندما رأيت ما حدث في نقابة الصحفيين، اكتشفت أن الداخلية تصر علي الممارسات القديمة وكأن الدولة البوليسية مستمرة ولم تسقط في ٢٨ يناير، وأن الشعب لم ولن يسمح بها بعد. وقد كتبت مقالين من قبل، احدهما قبل واقعة نقابة الصحفيين والانتهاك الصارخ لها، والثاني بمناسبة اقتحام الداخلية للنقابة بحجة إلقاء القبض علي اثنين مطلوبين للعدالة! وهذا هو المقال الثالث. حيث تحدثت في المقال الأول عن اختراق البلطجية للداخلية لدرجة ذكرت واقعة «الدكش» وأعوانه، وأبلغت الداخلية عنها منذ رمضان الماضي، ولا جدوي ولا تحرك! واكتشفنا أن وراء استشهاد ضباط الخانكة والأمناء، ورئيس مباحث قسم ثان شبرا الخيمة، خلية من الداخلية وصلت إلي ٢٠ ضابطا وأمين شرطة علي رأسهم «لواء»! يدعمون هذا البلطجي! فهل سيكتفي بإعفائهم من الخدمة أم سيقدمون مع «الدكش» في محاكمات بعد تصفية أعوانه وأفراد عصابته، باعتبارهم شركاء في الجريمة؟! مجرد سؤال؟! كما أن الاعتداء علي ضباط وأمناء حلوان، ومصرع ثمانية منهم عن طريق خلية إرهابية، اتضح أن هناك (٥) من الضباط في الداخلية وراء تسريب المعلومات؟! فهل سيقدمون للمحاكمة أيضا؟! وماذا عن تسريبات من ملف «روجيني» من داخل الوزارة كما نشرت صوت الأمة؟!
المهم ان الداخلية في حاجة إلي تطهير شامل من الداخل، لتتطهر الداخلية من الممارسات البوليسية السيئة السابقة، لتشارك في مسيرة الثورتين ودعم الحريات بدلا من الممارسات التي تضربا الأمن القومي للبلاد والمواطنين، وهو شيء مرفوض تماما اللهم إني قد بلغت.. اللهم فاشهد، ومازال الحوار متصلا.